21 فبراير.. تجسيد روح الحكمة اليمانية


إعداد:حسن شرف الدين –

لا زالت عبارة الدكتور سيف العسلي تدوي في أذني وهو يقول “اليمنيون يحتربون للتوحد.. ويحتربون للانفصال” مما جعلني أتشاءم لمصير مستقبل اليمن إذا لم ينجح مؤتمر الحوار الوطني ويجتمع الفرقاء السياسيون للخروج من الأزمة الراهنة وهذا عكس ما يقوله المحللون السياسيون في الداخل والخارج والمتتبعون للحالة اليمنية الذين يعتقدون أن اليمنيين يحكمون عقولهم قبل أسلحتهم رغم نسبة السلاح التي وصلت إلى ثلاثة أضعاف عددهم السكاني.

دخل اليمن منذ بداية عام 2011م مرحلة صعبة جدا دخلت جراءها في أزمات اقتصادية وسياسية وحتى اجتماعية حتى جاءت مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي كانت البداية للتهدئة واجتمع الفرقاء السياسيون في 23 نوفمبر 2011م للتوقيع على المبادرة ليلتزم جميع الأطراف الموقعة على المبادرة بتنفيذ بنود المبادرة وآليتها التنفيذية.
وتضمنت المبادرة تكليف رئيس الجمهورية المعارضة اليمنية بتشكيل حكومة وفاق وطني بنسبة 50 % لكل طرف (مؤتمر وشركاءه اللقاء المشترك) لتبدأ الحكومة المشكلة بالعمل من أجل توفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسيا وأمنيا.
وفي السابع من ديسمبر أصدر نائب رئيس الجمهورية -في حينه- عبدربه منصور هادي القرار الجمهوري رقم (184) لسنة 2011م بتشكيل حكومة..والبدء بالعمل من أجل تهيئة الأجواء بين الفرقاء لإجراء حوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية وبناء على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية الموقعتين في مدينة الرياض بتاريخ 23 نوفمبر 2011م.
وبعد تشكيل الحكومة التي أسميت بـ”حكومة الوفاق الوطني” تماشيا مع المبادرة الخليجية أصدر نائب الرئيس- حينها- في 26 فبراير 2012م القرار الجمهوري رقم (27) لسنة 2011م الذي دعا في مضمونه المسجلين في جداول الناخبين وكل من بلغ السن القانونية بموجب وثيقة رسمية تؤكد ذلك للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية العامة المبكرة لانتخاب رئيس الجمهورية يوم 21 فبراير 2012م والذي يصادف اليوم الذكرى الأولى للانتخابات الرئاسية.
وبعد صدور القرار تسارعت القوى السياسية لتهيئة مرشحيهم للدخول في مضمار سباق التنافس الانتخابي إلا أن الأجواء السياسية وسعيا للتهدئة في تلك الفترة بحسب المبادرة الخليجية بأن يكون الأخ عبدربه منصور هادي هو مرشح توافقي لجميع الأحزاب للفترة الانتقالية حتى يتم إعداد دستور جديد وعرضه للاستفتاء الشعبي.
دعوة الرئيس هادي للانتخابات لقيت في حينه ترحيبا من القوى السياسية المحلية والإقليمية والدولية.. فقد أشاد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني بدعوة الرئيس هادي اليمنيين لإنتخاب رئيس للجمهورية في 21 فبراير 2012م.. وفي 21 يناير 2012م صوت مجلس النواب على تزكية عبدربه منصور هادي مرشحا للانتخابات الرئاسية المبكرة.. وأرسلت مذكرة إلى اللجنة العليا للانتخابات تضمنت تزكية الأخ عبدربه منصور هادي مرشحا توافقيا وحيدا للانتخابات الرئاسية المبكرة استنادا إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية حتى تقوم اللجنة بالإجراءات اللازمة لتنفيذ الانتخابات الرئاسية المبكرة.. وفي 31 يناير من نفس الشهر تلقت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء بيانات المرشح التوافقي للانتخابات الرئاسية المبكرة الأخ عبدربه منصور هادي والتي تضمنت بياناته ورمزه الانتخابي وصورته الشخصية التي ستتضمن في ورقة الاقتراع.. ليدشن المرشح للرئاسة هادي حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية المبكرة في قاعة الشوكاني بكلية الشرطة بالعاصمة صنعاء بتاريخ السابع من فبراير.. وقد أعرب في حفل التدشين عن سعادته لتدشين أولى خطوات العبور إلى المستقبل الآمن المتمثل في الانتخابات الرئاسية المبكرة والذي يعد الوصول إليها إنتاج جهود شارك فيها الجميع باعتبارها الحل الأمثل والممكن الذي سيمثل نجاحها انتصاراٍ للإرادة السياسية اليمنية التي غلبت مصالح وطنها على الانتصار للحزب أو للذات أو حتى للمصالح الشخصية مهما كانت…. فاليمن قد اجتازت المرحلة الأصعب مهما اختلف البعض في تقدير نسبة نجاحها ومهما حاول البعض أن يمثل حجر عثرة في الطريق إلا أن المضي صوب الانجاز ظل وسيظل أقوى من التردد أو المواربة انطلاقا من تغليب المصلحة الوطنية العليا.
وفي يوم الاستحقاق يوم الثلاثاء 21 فبراير 2012م توجه اليمنيون إلى صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية المبكرة لانتخاب مرشح التوافق الوطني الأخ عبدربه منصور هادي بزخم شعبي بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم إلى كافة الدوائر والمراكز الانتخابية للإدلاء بأصواتهم يحدوهم الأمل بأن تكون الانتخابات الرئاسية مخرجا فعليا للأزمة اليمنية منذ عام 2011م وكان في مقدمتهم المرشح التوافقي الأخ عبدربه منصور هادي الذي أدلى في حينه تصريحا لوسائل الإعلام عبر فيه عن سعادته الغامرة وهو يدلي بصوته الانتخابي في مرحلة دقيقة وحساسة.. معتبرا يوم 21 فبراير 2012م منعطفا تاريخيا يعكس مدى حكمة اليمنيين من أجل الخروج من الأزمة والظروف الصعبة التي عصفت بالبلاد منذ مطلع العام الماضي.. متمنيا أن تستوعب جميع فئات وأطياف المجتمع طبيعة المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها اليمن من أجل اجتياز الواقع الصعب والولوج نحو السلام والوئام والإصلاحات الشاملة.
وتوجه لعملية الاقتراع في 292 دائرة انتخابية أكثر من 6 ملايين من اليمنيين ولتعلن لجنة الانتخابات في 24 فبراير 2012م فوز المرشح التوافقي الأخ عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية وحصوله على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية المبكرة وبعدد 6 ملايين و635 ألفاٍ و192 صوتا وبنسبة 8.99% من اجمالي المقترعين.
وبعد أجواء الاستحقاق الانتخابي الذي شارك فيه الشعب اليمني في الانتخابات شهد دار الرئاسية بالعاصمة صنعاء يوم الاثنين 27 فبراير 2012م حدثا استثنائيا في تاريخ اليمن والمنطقة العربية تمثل باستلام الأخ عبدربه منصور هادي السلطة من الرئيس السابق علي عبدالله صالح في حفل رمزي حضرته عدد من قيادات الدولة والبعثات الدبلوماسية والأمين العام للجامعة العربية والأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بنعمر ليكون الرئيس هادي رئيساٍ للجمهورية بالتوافق وانتخابه من قبل الشعب اليمني.. وليسجل كذلك يوم 21 فبراير 2012م يوماٍ للديمقراطية تجسدت فيه روح الحكمة اليمانية.

قد يعجبك ايضا