مكانة المرأة كما يوصينا بها الإسلام.. لا إفراط ولا تفريط

إن الإسلام قد ضمن للمرأة حقوقها وحافظ على عفتها فالنظام الاجتماعي في الإسلام أحكام شرعية متعددة، آخذ بعضها برقاب بعض، ولا يعني طلب التقيد في حكم منها ترك التقيد في غيره، بل لا بد من تقيد المسلم والمسلمة بأحكام الشرع جميعها، حتى لا يحصل التناقض في الشخص الواحد، فيبدو التناقض في الأحكام.
فالإسلام لا يعني -في إباحة الأعمال للمرأة- أن تذهب إلى دائرة الدولة التي تعمل فيها موظفة ولو ممرضة في مستشفى، بعد أن تكون قد أخذت زينتها، وأعدَّت نفسها كأنها ستزَف وهي عروس، وتذهب تتبدَّى للرجال بهذه الزينة المغرية، تهتف بهم أن تهفو شهواتهم نحوها. ولا يعني أن تذهب إلى المتجر في مثل هذه الزينة، تباشر البيع في حال من التعرّي والإغراء، وبأسلوب من الحديث يغري المشتري أن يتمتع بمساقطتها الحديث أثناء هذه المساومة، في سبيل أن تغلي عليه ثمن السلعة، أو تغريَه بالشراء، ولا يعني الإسلام أن تشتغل كاتبة عند محام، أو سكرتيرة لصاحب أعمال، وتترك تختلي به كلما احتاج العمل إلى الخلوة، وتلبس له من الثياب ما يكشف شعرها وصدرها، وظهرها، وذراعيها، وساقيها، وتبدي له ما يشتهي من جسمها العاري.
كلا لا يعني الإسلام شيئاً من ذلك، ولا أمثاله مما يحصل في هذه الجماعة التي تعيش في مجتمع غير إسلامي، تسيطر عليه طريقة الغرب في الحياة الذي لا قيمة عنده إلا للمنفعة والربح المادي. وإنما يعني الإسلام أن يطبق المسلم أحكام الإسلام كلها على نفسه وتطبق الدولة الأنظمة كلها على المجتمع. فحين أباح الإسلام للمرأة أن تباشر البيع والشراء في السوق منعها من أن تخرج إليه متبرجة، ومنعها من أن تباشر أي عمل يُستغل فيه أنوثتها فعن رافع بن رفاعة قال: { نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الأمة إلا ما عملت بيديها , وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش } رواه أحمد. فالاعتقاد بالإسلام يحتم على المسلم تطبيق جميع أحكامه على نفسه ويحتم على الدولة أن تطبق كل الأنظمة والمعالجات على المجتمع وهو ما يضمن حياة سليمة صحيحة، سالمة من كل شر.
لقد شرع الله لنا نظاما اجتماعيا فريدا من نوعه، لا إفراط فيه ولا تفريط، نظاما حافظ على الجماعة الإسلامية وراعى العفة والطهارة في المجتمع، لم يظلم فيه المرأة ولا الرجل، فلم يرهقِ المرأةَ ويحمِّلْها ما لا تحتمل، وأجاز لها أن تمارس حياتها الطبيعية في جو من التعاون والتضامن البعيد كل البعد عن أجواء الفجور وانعدام الحياء، وفي نفس الوقت حمل الرجل ما يجب عليه أن يحمله ولم يسمح له باستغلال المرأة وضعفها وحاجتها، حتى أصبحت المجتمعات الإسلامية من أرقى المجتمعات وأسعدها عندما طبق الإسلام كاملا في دولة الخلافة لمدة 14 قرنا مضت.
فإن كل من يعرف التاريخ بأبسط صورة ودون تمحل وتشويه يعرف أن المسلمين عندما كانوا يطبقون الإسلام كانوا سادة العالم ومنارة العلم أعزاء لا يحتل العدو أرضهم ولا يطمع فيهم طامع، بل كانوا مثلاً للدنيا يحتذى، وبعد تطبيق النموذج غير الإسلامي على المسلمين أصبحت الصورة الحقيقية لما أراده الإسلام للمجتمع غائبة عن الأذهان وغير متصورة، وللأسف الشديد فقد حرص الإعلام المأجور والأقلام المتأثرة بالغرب أن يربطوا بين تردي أوضاع المسلمين وانحطاطهم اقتصادياً وصناعياً بالإسلام وحاولوا بأساليب ملتوية مضللة أن يوهموا جماهير المسلمين بأن تقدمهم ورقيهم لن يحصل إلاّ إذا اعتنقوا أفكار الغرب الرأسمالية، وأن تأخرهم يرجع إلى الإسلام وأنه سبب التأخر والانحطاط.

قد يعجبك ايضا