21 فبراير محطة عبور آمنة للاقتصاد اليمني


عبدالله الخولاني –

شكل يوم 21فبراير2012م محطة عبور آمنة للاقتصاد اليمني ومرحلة جديدة في علاقة اليمن مع مجتمع المانحين تجسد ذلك بالتعهدات المالية المعلن عنها في مؤتمري الرياض ونيويورك والتي اقتربت من 8مليارات دولار .

مؤشرات اعتبرها اقتصاديون عنواناٍ ليمن المستقبل الذي ينشده الجميع ومن أجله خرجت الملايين لينتخبوا فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي لقيادة البلد نحو بر الأمان.
قبل عام من الآن واجه اليمن أزمات ومشكلات بالغة الصعوبة في مقدمتها الأزمة الاقتصادية الطاحنة والأوضاع الإنسانية المتردية ورغم التفاؤل بمستقبل أفضل تظل هناك تحديات قائمة أمام إتمام التغيير المنشود في اليمن وانتشاله من حالة التردي التي يعانيها خاصة في الجانب الاقتصادي يأتي في مقدمة هذه التحديات تحقيق التنمية المتوازنة كون المعضلة الرئيسية التي تعاني منها اليمن اقتصادية بدرجة أساسية.

حياة كريمة
أدركت القيادة السياسية منذ اليوم الأول لتوليها رئاسة الدولة أن تطور اليمن سياسياٍ وتخلفها اقتصادياٍ لن يحقق لها الاستقرار المنشود بل سيكون وقوداٍ لاضطرابات تأتي عاجلة أم آجلة كيف لا وأهم ما ينشده المجتمع والمواطن هو الحصول على احتياجاته اليومية والحياة الكريمة.
ويتفق اقتصاديون على أن تقدم الاقتصاد على السياسة أو العكس لن يحقق استقرار البلاد وإنما سيكون وقوداٍ ودافعاٍ للفوضى ودليلاٍ على الفشل وما نحتاجه اليوم هو الموازنة بين هذين الطرفين وتبني سياسة قوية للبلاد تكون قادرة على دعم الاقتصاد وتقويته وشق الطريق أمامه وفتح آفاق التطور لا أن تكون عبئاٍ على الاقتصاد.

المصالح الاقتصادية
إذا كانت العوامل الاقتصادية قد لعبت دوراٍ في إحداث التغيير في اليمن فإنها تمارس القدر ذاته من التأثير وربما أكبر في مراحل ما بعد التغيير لا سيما وأنها تحدد طبيعة نتائج التغيير سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال تأثيرها في شبكات المصالح الاقتصادية ذات التأثير السياسي داخل المجتمع كما يراها الخبير الاقتصادي الدكتور سميرالدبعي , ويضيف أن تحقيق تطور اقتصادي يؤدي إجمالا إلى بناء طبقة متوسطة ذات دخل متوسط تسهم في تعزيز التحول نحو التغيير السياسي والديمقراطية.
وطبقا للدكتور الدبعي فإن الطبقة المتوسطة في اليمن التي ظل ينظر لها كمحدد للتغيير السياسي وطبيعة مساراته أصيبت بأضرار بالغة جراء سياسات الإصلاح الاقتصادي المفروضة من مؤسسات التمويل الدولية والتي عمقت الفجوات المعيشية داخل المجتمع بين الفقراء والأغنياء وجعلت عوائد التنمية في أيدي ثلة من رجال أعمال متحالفة مع السلطة الأمر الذي ساعد على تغيير الطبيعة “الاستقرارية” للطبقة المتوسطة وجعلها تفضل “التغيير المكلف” على “الاستقرار الهش” الذي يدفعها نحو الانزلاق الاقتصادي والاجتماعي إلى أسفل السلم الطبقي. ولعل تلك التحولات لعبت دوراٍ مهماٍ في حركة التغيير التي تشهدها اليمن.

تفاؤل
القيادة السياسية وحكومة الوفاق تدرك تماما أن هناك تحديات تواجه عملية التغيير السلمي في اليمن وتم طرحها أمام المجتمع الدولي بكل شفافية ولعل أهم هذه التحديات العدالة الاجتماعية وزيادة معدلات البطالة وارتفاع مستويات ومعدلات الفقر وتدهور مستوى الخدمات الحكومية وهذه الصعوبات تشكل الملامح الرئيسية للاقتصاد اليمني والتي ينبغي العمل على حلها في المستقبل القريب .
ويقول الخبير الوطني محمد الرفاعي :أن المجتمع الدولي ينظر بتفاؤل لمستقبل اليمن اقتصاديا ويظهر ذلك من خلال التعهدات المعلن عنها ولكن على الحكومة استعادة الأمن والاستقرار والهدوء في المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية كمطلب أساسي من مطالب التغيير والعمل على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتقديم حزمة من الحوافز للمستثمرين وكذلك تبني آليات جديدة من أجل زيادة الصادرات وتطبيق الديمقراطية للحصول على نتائج اقتصادية إيجابية وسريعة وتعديل موقع اليمن في كل التقارير والمؤشرات الدولية وبذل أقصى ما يمكن من أجل عودة عجلة الإنتاج بكل قوة وزيادة موارد المجتمع لمواجهة العجز والضغوط والديون المتراكمة .
ويري الخبير الرفاعي أنه رغم الصعوبات الاقتصادية إلا أنه يوجد أمل كبير في التطور وتحقيق وضع أفضل ولكن وفق تطبيق سياسات وآليات ومعايير فعالة تكفل الوصول إلى التنمية المتوازنة والنجاح وهذا لن يتم إلا من خلال التمكين الاقتصادي للفقراء مع التركيز على دور المرأة وتبني مبادرات لإيجاد فرص عمل واستهداف الشباب في المراحل العمرية من 16 إلى 25 عاما ومعظمهم خريجو المعاهد الفنية والجامعات وهذه الفئات هي الأكثر معاناة من البطالة وكذا إعادة النظر في دور البنك المركزي في خدمة التنمية وذلك بالمقارنة مع دور البنوك المركزية في الدول التي حققت تجارب ناجحة في التنمية .
وشدد الرفاعي على أهمية مواجهة أسباب تعثر المصانع الحكومية والخاصة والعمل على حلها في أسرع وقت ممكن بما يكفل إعادة فتح هذه المصانع واستيعابها للعمالة واستهداف القطاع غير الرسمي لتشجيع هذا القطاع على الانضمام للقطاعات الفعالة من خلال حزمة من الحوافز تتضمن إعفاءات ضريبية لمدة محددة وكذلك تقديم خدمات غير مالية تسهم في دعم تنافسية هذه المشروعات.
مطالبا بإعادة هيكلة مؤسسات الدولة على أسس سليمة أهمها الكفاءة والنزاهة رغم أن ذلك لن يتم بين ليلة وضحاها وإنما يتطلب الأمر إتاحة الفرص للكفاءات البشرية في كافة المواقع على أسس موضوعية تعتمد على الكفاءة والنزاهة مع استخدام أسلوب التقييم المستمر لضمان ذلك كما أن هناك حاجة حيوية لإعادة هندسة علاقاتنا الاقتصادية الدولية وذلك لتعظيم الاستفادة من الاتفاقات التجارية الموقعة مع دول العالم.

رؤى
إن الملامح الأساسية لأولويات التوجه الاقتصادي سواءٍ على الأمد القصير أو متوسط وطويل الأمد إنما تتطلب جهداٍ كبيراٍ وتنسيقاٍ في الأدوار وتكاملاٍ في الرؤى والتوجهات بين كل من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني على أساس مصلحة اليمن فوق الجميع.

قد يعجبك ايضا