تفاعل الشعب مع وزارة التربية والتعليم في الحلول البديلة
تحقيق – نجلاء علي الشيباني
سير العملية التعليمية هذا العام كان أقوى من أي معوقات أو عراقيل جراء العدوان المتواصل على اليمن، لعل أبرزها تعذر طباعة الكتاب المدرسي, ولتجاوز تلك العثرة قامت وزارة التربية والتعليم بتوجيه أولياء الأمور عبر المدارس والمساجد بإعادة الكتاب المدرسي إلى المدرسة وتوزيعها على الطلاب الملتحقين بالتعليم وتفاعل الأهالي والطلاب فيما اتخذت المدارس إجراءات لتوفير الكتاب المدرسي.
أزمة الكتاب المدرسي هذا العام.. أسبابها.. وإجراءات ومبادرات مواجهتها ومدى فاعليتها، وغير ذلك من التفاصيل في ثنايا هذا التحقيق:
بمجرد التسجيل في المدرسة يتسلم الطالب الكتب الدراسية.. هذا ما يحدث في العادة لكن هذا العام حدث العكس تماماً فقد التحق الطلاب بالمدارس منذ شهر ومازالوا يعانون من نواقص في كتب المنهج المدرسي.
قال الطالب إسلام أسامة وأضاف: فرحنا كثيراً حين بدأ العام الدراسي وتوقعنا أن نستلم الكتاب المدرسي عند أول يوم دراسي مثل كل عام لكن هانحن نكمل الشهر الثاني والنواقص مازالت موجودة، إسلام رغم ذلك يؤكد أنه وزملاؤه سيكملون تعليمهم، يقول هذا لا يعني أننا سوف نتوقف عن الدراسة فالمعلمات لم يقصرن معنا والمواد التي لم تتوفر لدينا كتبها تقوم المعلمة بإعطائنا ملخصاً لها حتى نحصل على الكتاب المدرسي الناقص كما حصلنا على بقيه الكتب
الطالب أيمن محفوظ فقد أبدى سعادته كونه عاد للمدرسة, قال: مدرستي هذا العام وزعت لنا كتباً قديمة كنت أتمنى الحصول على كتاب جديد لكن هذا أفضل من البقاء في المنزل من دون دراسة أو كتاب.. وأضاف: طالما الكتاب موجود فأنا قادر على المذاكرة وحل الواجبات المنزلية وتحضير الدروس.
حلول أخرى
الطالبة إيمان عبدالواحد بدت ظروفها أفضل، وأنزلت الكتب المدرسية من الموقع الالكتروني لوزارة التربية والتعليم كنوع من الحل لتوفير الكتاب الدراسي وطلبت من والدها أن يطبع هذه النسخة الالكترونية من المقررات المدرسية في مقر عمله.. هكذا حلت إيمان مشكلة الكتاب المدرسي حسبما أكدت لنا، وأردفت: لن يمنعني شيء على التعليم.
أما الطلاب عبدالقوي وسامي وطلال فيشكون من انعدام الكتاب المدرسي في المدارس بشكل كامل وتواجده في السوق السوداء في وضح النهار في أسواق أمانة العاصمة وفي أرصفة شارع التحرير والدائري وأمام المولات وسط المدينة حيث يتراوح سعر الكتاب هناك مابين (400-500) ريال لهذا يطالبون الجهات المختصة بتوفير الكتاب المدرسي في المدارس بدلاً من بيعها في السوق السوداء.
صعوبة بالغة
ومن جهتها تؤكد ريم السلفي التي تعمل مسؤولة مخازن أن توقف مطابع الكتاب المدرسي كان سبباً رئيسياً في تعذر توفر الكتاب المدرسي هذا العام, وتنوه بأن المدارس الخاصة أفضل حالا من الحكومية في توفير الكتاب المدرسي، ريم قالت: لجأنا إلى الأسواق الخارجية في الحصول على الكتاب المدرسي وتمكنا من توفير 95% من الكتاب المدرسي هذا العام بعد صعوبة بالغة.
تهيئة نفسية
المعلمون من جانبهم يحاولون التكيف مع الأوضاع الاستثنائية قدر الإمكان.. وترى معلمة اللغة العربية سعاد المجذوب الطلاب في المدارس بحاجة إلى التهيئة النفسية لهم أولا قبل كل شيء, تقول: الطلاب خلال العام مروا بظروف صعبة إلى جانب تغيبهم عن الدراسة فترة طويلة بسبب ظروف العدوان على اليمن وحروبه لهذا إعداد الطالب نفسياً وتهيئته للدراسة ركيزة أساسية في التعليم هذا العام, ويأتي بعد ذلك توفير الجو المناسب للدراسة ومن ضمنها توفير الكتاب المدرسي للطالب حتى يشعر بالاطمئنان.
لكن المعلمة سعاد تطالب زملاءها بجهد أكبر, تقول: يجب على المعلم عدم إشعار الطالب بنقص الكتاب, فالمعلم يترتب عليه تغطية النقص في الكتاب المدرسي من ناحية شرح الدروس والتركيز على عناصره وإعطاء ملخص له أثناء الحصة الدراسية.. وتشيد المجذوب بتعاون الأهالي مع المدارس عند إعادتهم الكتب المدرسية إليها وتمكين المدارس والطلاب من تخطي مشكلة نقص المنهج الدراسي هذا العام ونجاح العملية التعليمية.
تعاون الأهالي
وهذا ما أكد عليه وكيل مدرسة ابن خلدون صالح علي الفقيه قائلاً: رغم انعدام الكتاب المدرسي هذا العام وصعوبة الحصول عليه وكذلك عدم تمكن وزارة التربية والتعليم من توفير المدارس إلا أن الأهالي وأولياء الأمور قاموا بتغطية العجز بنسبة 85% في المدارس بعد أن فتحنا باب التبرعات بالكتاب المدرسي لكي نغطي العجز القائم وقد حققت هذه المبادرة من الأهالي نجاحا ملموسا في توفير الكتاب المدرسي للطلاب في كل المراحل التعليمية.
وأضاف الفقيه : هذا الأمر إن دل على شيء فإنما يدل على تعاون الأهالي والطلاب ورغبتهم في الدراسة مهما كانت الظروف والمعوقات.
مجهود فردي
فيما ترى مديرة مدرسة فجر المستقبل هدى السعيدي أن غياب الكتاب المدرسي هذا العام شكل مشكلة بالنسبة لمدرستها، تقول: حاولت جاهدة توفير الكتب من التجار واللجوء إلى السوق السوداء للحصول عليها بأسعار تجاوزت أضعاف أسعار الأعوام السابقة وسعر الكتاب يتضاعف كلما كان المستوى الدراسي أعلى ومع ذلك استطعنا توفير 90% من الكتب المدرسية للطلاب في مدرستنا في الشهر الأول للدراسة.
تبادل مدرسي
مبادرة أخرى لحل أزمة الكتاب المدرسي أثنت عليها موجهة مادة الاجتماعيات في وزارة التربية والتعليم نورية الآنسي.. قالت: المدارس الحكومية في منطقة آزال قامت كل مدرسة بالتواصل مع المدارس الأخرى التي لديها فائض في كتب معينة للقيام بعملية تبادل وتغطية العجز في المدارس التي تشكو من نقص فيها وبهذه المبادرة والروح التعاونية بين المدارس توفرت الكتب المدرسية لكافة المستويات الدراسية.
لكن الموجهة نورية في الوقت نفسه لا تفضل أن يستلم طلاب المرحلة الأساسية كتباً مستخدمة.. تقول: الطالب في هذه المرحلة يفضل أن يستذكر دروسه في كتب نظيفة وجديدة لكي لا يؤثر ذلك عليه نفسيا, بيمنا طلاب المرحلة الأساسية المتقدمة والثانوية يمكن تعويضهم بالملازم بدلا من الكتب أو يمكنهم الدراسة بكتب سبق وأن استخدمها زملاءهم في العام الماضي.
قهر العدوان
الأحزاب هي الأخرى كان لبعضها مبادرات في حل أزمة الكتاب المدرسي وتحت شعار “بكتابي أقهر العدوان” قام حزب الوفاق الوطني بتسليم مكتب التربية والتعليم 15 ألف كتاب مدرسي في مبادرة تستحق الشكر حيث قام القطاع الشبابي لهذا الحزب بتجميع أكبر قدر ممكن من الكتب المدرسية وبمساعدة الطلاب الراغبين في الالتحاق بمدارسهم تم التغلب على كافة المعوقات التي تقف في وجه العملية التعليمية.
أكد لنا ذلك الأمين العام المساعد لحزب الوفاق خالد مجود.. مشيداً بالجهود التي بذلت وتبذل لإنجاح هذه المبادرة باعتبار أن الاستمرار في التعليم هو قهر للعدوان, كاشفاً عن مبادرات أخرى لدعم التعليم فما تم تسليمه من كتب دراسية لمكتب التربية يعد شيئاً رمزياً مقارنة بما سيقدمه لدعم العملية التعليمية في البلاد.
تجاوز الحصار
توجهنا بدورنا إلى مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة والتقينا بمدير عام الإعلام والنشر التربوي / معروف درين الذي أرجع تعذر توفير الكتاب المدرسي وكفاية الطلاب والطالبات لهذا العام بالدرجة الأولى إلى الحصار المفروض علينا من تحالف الشر والعدوان على اليمن الذي دخل شهره التاسع حيث أدى إلى تعذر إدخال الورق الخاص بطباعة الكتاب المدرسي إلى مطابع الكتاب المدرسي.
وأضاف درين: في الأعوام السابقة كانت مطابع الكتاب المدرسي تطبع 56 مليون كتاب وقد لجأت وزارة التربية والتعليم ومكاتبها في المحافظات إلى الاستفادة من المرتجع في الأعوام الماضية حيث أطلق مكتب التربية والتعليم حملة عبر وسائل الإعلام المختلفة والمساجد والمجالس المحلية ونجحت الحملة في تحقيق هدفها وتغطية نسبة كبيرة من العجز كما تم تحميل الكتاب المدرسي عبر مواقع الوزارة ومواقع بعض مكاتبها في المحافظات, وبهذه الطريقة يتوقع درين أن تتخطى الوزارة ومكتب التربية وكذلك المدارس عجز المدارس في توفير الكتاب المدرسي لهذا العام.
شكر حكومي
من جانبه أكد نائب وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله الحامدي على أهمية تضافر جهود الجميع لاسيما في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد نتيجة استمرار العدوان الغاشم والحصار المستمر الذي حال دون وصول كميات الورق اللازمة لطباعة الكتاب المدرسي.. وثمن الدكتور الحامدي تفاعل الطلاب وأولياء الأمور مع حملة استعادة الكتاب بما يضمن توفير الكتاب المدرسي للعام الدراسي الجاري.