اليمن سوق مفتوحة للمنتجات الخليجية فلماذا الاعتداء عليها؟!

 

د/عبد الله الفضلي
على الرغم أن اليمن (كبرى دول الخليج) قد ظلت بعيدة ومستبعدة ومحايدة عن ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي وذلك لأسباب سياسية بحتة ليس لها علاقة بالملكية ولا بالجمهورية , لأن الرضا عن اليمن كان محدوداً بل لم يكن موجوداً في الأصل , وكانت السعودية هي أول من يعارض ويحرض دول المجلس الخمس من مغبة انضمام اليمن إلى هذا المجلس , وهكذا ظل اليمن يتقدم للمرة العاشرة وحاول بشتى الطرق الأخوية والدبلوماسية والرجاء والإلحاح لقبوله عضواً سابعاً في هذا المجلس ولكن دون جدوى , وكان يصطدم دائماً بالرفض السعودي لغرض في نفس يعقوب .
ومرت الأيام والسنوات والعقود واليمن في انتظار قرار قادة المجلس في قبول اليمن عضواً وبصفة خاصة وقد أصبح اليمنان يمناً واحداً , وكانت حجتهم أن اليمن الشمالي شعب فقير ومعدم وأن اليمن الجنوبي شعب فقير أيضاً وماركسي ومتطرف , وسوف يؤدي دخول اليمن الشمالي وانضمامه إلى دول المجلس إلى مشكلة سياسية كبيرة طالما تم استبعاد اليمن الجنوبي .
وتحققت الوحدة اليمنية ولم يعد لهم حجة فيما كانوا يفكرون فيه ولكن ظل القرار السعودي هو المسيطر والمهيمن على قادة دول المجلس لعدم قبول اليمن حتى ولو كان موحداً , وكانت السعودية تبث فيهم المخاوف والمخاطر عن انضمام اليمن , على الرغم مما تتمتع به اليمن من موقع استراتيجي مهم وامتداد جغرافي شاسع وهي الدرع الاحتياطي والبشري لكل دول المجلس , ويكفي أن اليمنيين بارعون وماهرون ومهنيون ومبدعون ولا ينقصهم إلا المادة التي تحول بينهم وبين ما يتطلعون إليه , ولكن السعودية كانت وما زالت متخوفة من الإنسان اليمني الذي لو اتيحت له الفرصة لدخول المجلس ونهض بنفسه ورفع مستوى معيشته وتحسنت أحواله الاقتصادية فإنه ربما يتفوق ويسيطر على دول المجلس ويفرض نفسه وبقوة على قرارات المجلس , وقد يساهم مساهمة إيجابية في تطور وتقدم دول مجلس التعاون الخليجي .
ورغم ذلك حاولوا أن يهدئوا من قلق اليمنيين وتبديد مخاوفهم حينما سمحوا في السنوات القليلة الماضية بدخول اليمن كعضو غير رسمي والمشاركة فقط في بعض فعاليات المجلس كالتربية والرياضة والشؤون الاجتماعية واستبعدوها من المجالس الاقتصادية وهي الأهم . هذا بالإضافة إلى إقامة علاقات ثنائية منفردة مع كل دولة خليجية .
ورغم ذلك تفاقمت الأوضاع الاقتصادية في اليمن إلى الأسوأ وضاقت معيشة اليمنيين مع نمو سكاني مخيف وشحة في الموارد الاقتصادية, فارتفعت نسبة البطالة بين الشباب إلى نسب مئوية مفجعة فانخرط بعض الشباب فيما يسمى بتنظيم القاعدة وما تلا ذلك من أحداث وقيام الثورة والفوضى الخلاقة عام 2011م وهي ثورة أو ربيع الإخوان وما تلاها من تداعيات وتحديات وهيجان شعبي وفوضى وبلطجة وانقسامات في الجيش والأمن وانعدام الولاء الوطني بين الشباب , وعلى إثر ذلك تدهورت الأوضاع الاقتصادية والسياسية إلى الأسوأ , وبدلاً من أن تبادر السعودية ودول المجلس إلى احتواء تلك التداعيات وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة وتهدئ من الأوضاع وتقرر انضمام اليمن رسمياً إلى دول المجلس لكي تحافظ على اليمن موحداً وآمناً ومستقراً وكان باستطاعتها عمل أي شيء لأن أمن الجزيرة العربية والخليج هو جزء من أمن واستقرار اليمن , إلا أن السعودية لم تبادر وقد استغلت ثورة الإخوان واحتوتهم وخططت مع الدوائر الأمريكية والصهيونية بخلط الأوراق في اليمن وتمزيق نسيجه الاجتماعي وإرباك المشهد السياسي والاقتصادي وتحويل اليمن إلى بؤرة من الصراعات والإرهاب والفقر , حتى تأكل اليمن نفسها بنفسها ويقتل اليمني أخاه اليمني في ظل صراعات طائفية وحزبية ومناطقية حتى تخلص من مشاكل اليمن ومطالبه المشروعة . وعلى الرغم من هذا كله فكل واردات اليمن من المنتجات والصناعات السعودية والخليجية تتدفق إلى الأسواق اليمنية بمئات المليارات ولم يفكروا أو يعترفوا بأن الأسواق اليمنية هي من تستقبل آلاف السلع والمواد الأخرى وتُستهلك بكثرة وتنعش اقتصاديات دول المجلس ولجأوا إلى معاقبة اليمن واختلاق حرب عدوانية وتدمير اليمن حقداً وعدواناً وتبريراً واهياً في العدوان وتخريب لكل شيء بناه وشيده أبناء اليمن في عشرات السنين , لكي يظل اليمن صغيراً وضعيفاً ومفقراً ومهزوماً ومستديناً إلى ما لا نهاية حتى لا يستطيع أي يمني أن يرفع رأسه في أي مكان في العالم ولكن رب ضارة نافعة ؟؟

قد يعجبك ايضا