بين لعبة التوافق والثورة !
عبد العزيز البغدادي
حين نتحدث عن التوافق في بلادنا ينصرف الذهن تلقائيا نحو التوافق بين الأحزاب السياسية أو القوى السياسية التي ألفت البقاء في الحكم لفترات طويلة مما كون لديها حالة إدمان على السلطة أشبه بحالة الإدمان على المخدرات لذلك فقد رأينا كيف غاب عن الحكام في ظل غيبوبة هذا الإدمان حقيقة كون الحاكم ليس سوى موظف لدى الشعب وأن قضية التداول السلمي للسلطة هي أهم سمة من سمات الديمقراطية الحقيقية بحيث لو لم يتحقق هذا التداول فلا وجود لديمقراطية حقيقية؛
وحين نتحدث عن الثورة على الحاكم الظالم يغيب عن الكثير من الأفهام كونها أي الثورة في الفقه الإسلامي المستنير حق للشعب الذي يعاني من الظلم والاستبداد والفساد وإرهاب الدولة بل هو حق يندرج ضمن الحقوق التي قد تصل على القادرين الى مرتبة الواجب !!!.
ولتأصيل ذلك تسعفنا الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث المتعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث يبدأ حسب قدرة كل إنسان من الأخذ بأعلى مراتب العزيمة إلى ان تصل إلى الرخصة أي من العمل على تغيير المنكر باليد وهو العمل المادي ثم اللسان وهو الاستنكار والدعوة بالقول إلى إصلاح الحال وإلا جاز للمواطن المسلم ان يستنكر بقلبه والاستنكار بالقلب المخلص فعل لمن لا يقدر على غيره لأن فيه معنى الرفض السلبي للفساد والظلم ومعروف أن الفعل قد يكون بالإيجاب وقد يكون بالسلب .
والتوافق طبقاً لما أشرنا سابقا قد يتحول إلى حالة من التعدي على حقوق عموم الشعب من قبل عدد من الأحزاب لا تصل أعدادها إلى ١٠٪ من مجموع عدد السكان خاصة في ظل ارتفاع نسبة الأمية العامة والأمية السياسية .
ومن الملاحظ أن الأحزاب في مجملها وان وجد تفاوت بسيط يستأثر بالمصلحة باتخاذ القرار فيها الصف الأول من القيادات وأحيانا يتركز القرار في شخص الرئيس أو الأمين العام مع بعض التشاورات في أعلى الهرم القيادي ولهذا فهي مجرد كيانات اسمية لا وجود لها ولا أثر بين قواعدها فكيف في أوساط المجتمع ؟!!
لذلك رأينا كيف استمرأ البعض لعبة التوافق التي حظيت وتحظى برعاية بعض سفارات السوء !!
ولعل الدور الذي لعبته بعض قيادات هذه الأحزاب الكرتونية في تعطيل مسارات الحوار منذ هبطت المبادرة السعودية المسماة بالخليجية بحجة البحث عن التوافق الذي يدرك صناع المبادرة إياها بأنه لن يتم إلا إذا رضوا عنه ولن يرضو إلا بتوافق يصنع نظاما سياسيا يعيد انتاج الفساد الذي صنعوه وغذوه على مدى عقود وإعادة تقسيم السلطة بين فاسدي السلطة وفاسدي ما يسمى بالمعارضة !! .
وهكذا رفعوا راية البحث عن التوافق ومنعوا حصوله وأحدثوا الفراغ السياسي من خلال التعطيل لكل الحلول ومن ثم أمرت السعودية رئيس الحكومة بحاح بتقديم استقالته لهادي وأمرت هادي بقبولها ليتم إحداث الفراغ السياسي وتلاحقت الأحداث إلى ان وقع هذا العدوان على اليمن وإلى تجميع دمى لعبة التوافق المزعوم في مؤتمر للعملاء أسمي مؤتمر الرياض الذي صاحبه حملة تضليل إعلامي قوية تصف انصار الله بالمليشيات الانقلابية وفي نفس الوقت حملة في الداخل والخارج بأنهم تسببوا في إحداث الفراغ السياسي ولا ندري كيف يكونون انقلابيين وهم إلى الآن يسعون إلى البحث عن شراكة وطنية لملء الفراغ السياسي في حين سعى الآخرون الى تحويل اليمن إلى كعكة بغية تقاسمها في ما بينهم ثم عملوا على تنفيذ مخطط أقلمتها بمايلبي رغبات وأجندة المخططين ؟!!!..