> المثلجات في المدارس.. عدوٌ صامت
تحقيق / رجاء عاطف
تعدّ المثلجات «الآيسكريم» سلعة ذات رواج كبير يقبل عليها الكثيرون صيفاً وشتاءً غير مدركين أضرارها حيث لا يعلم كثير من الناس المحتويات التي يصنع منها خاصة تلك المجهولة المصدر والتي قد تكون سبباً للعديد من الأمراض ..
المشكلة أن هذه المثلجات تباع بكثرة أمام المدارس وفي طريق الطلبة وقد وجدنا عربات وسيارات الآيسكريم في هذه الأماكن بشكل يومي بهدف إغراء طلاب المدارس خصوصاً صغار السن على شرائها فهم الشريحة التي يكون إقبالها شديدا على هذه السلعة بعيداً عن رقابة الأهل ..
وهو الأمر الذي دفع الصحة المدرسية الى إنزال تعميم بمنع بيع الآيسكريم أمام المدارس وغيرها من السلع التي قد تضر بصحة الطلبة خوفا عليهم من تناولها أو نقل عدوى المرض إلى الآخرين مما يسبب تغيبهم عن المدرسة وبالتالي تدني مستواهم التعليمي ..فهل وجد هذا التعميم استجابة؟..
“عدنان” كان يقود عربة يبيع فيها جميع أنواع الآيسكريم لكن ليس في الطريق أو الشوارع الرئيسية بل كان ينتظر أمام بوابة إحدى المدارس في حين كان هناك طلاب خلال الاستراحة تخلصوا من قيود حارس بوابة المدرسة واستطاعوا الوصول إلى الآيسكريم وشرائه ..
وهذا يحدث كثيرا..لكن توجهنا بالسؤال لــ عدنان..هل تعرف أن ما تقوم به ممنوع.؟
رد ببرود شديد : لماذا أرهق نفسي بالدوران في الشوارع للبيع..وأمام المدرسة سيأتي الطلبة ويشترون الكمية كاملة دون عناء..
تهرب من الرد مباشرة على السؤال وأعادت كاتبة التحقيق السؤال مرة أخرى ليجيب :لم اسمع أن البيع ممنوع أمام المدارس.
وتابع : وفرت الوقت والجهد للبيع وأنا أقف في هذا المكان..هذا مايهمني..!
هكذا لا يهتم عدنان وغيره من البائعين بما قد يضر بصحة الطلاب وغيرهم من الأطفال..ومثله كثيرون في اغلب المدارس..لأن ما يهمهم هو البيع والربح وإن كان بسيطا..في ظل غياب جهة تراقب وتمنع.
تغيب عن المدرسة
تعالوا إلى لب المشكلة..قال ولي أمر الطالب سيف الصباحي لمعدة التحقيق : كل عام وابني يتعرض للأمراض بسبب ما يتناوله في المدرسة إلا أن المعاناة من تناول المثلجات أكبر ضرراً على صحته وغيره من الطلاب خاصة ونحن في فصل الشتاء وهذا يحتاج منا الى متابعة أبنائنا وتنبيههم بعدم انفاق مصروفهم المدرسي في ما قد يضر بصحتهم.
بينما يقول حسن العزي والد أحد الطلاب: إن ابنه تغيب عن المدرسة لمدة 3 أيام متتالية تراكمت خلالها عليه الدروس والواجبات وذلك بسبب مرضه من التهاب اللوزتين والحمى.
ويضيف : بعد أن كشف الطبيب عليه قال انه تناول مثلجات والجو بارد وهنا ناشد الجهات المختصة في المدارس بالرقابة على ما يباع أمامها خوفا على صحة أبنائهم الطلاب كون المدرسة تعتبر البيت الثاني لهم ويجب متابعتهم فيها وتحذيرهم.
ويوافقه ولي أمر الطالب نبيل أبو الفضل الذي طالب بالرقابة على ما يباع أمام المدارس وكل ما يستهدف صحة الطلاب بشكل شبه مستمر ومتعمد حيث قد يساهم تدهور صحتهم في تدني مستواهم الدراسي بسبب كثرة الغياب: وأضاف: يجب التوعية من قبل الأسرة والمعلمين خاصة للطلاب صغار السن الأكثر شراء للمثلجات والأكثر عرضة للأمراض بسبب ضعف المناعة لديهم.
منع بيعها داخل المدرسة
كانت هناك شكوى من بعض إدارات المدارس والتي بادرت بمنع بيع المثلجات داخل وخارج مدارسها لما لها من أضرار صحية على الطلاب ،الأستاذة إيناس المقالح– مديرة مدرسة رابعة العدوية ، قدمت أكثر من شكوى بسبب ذلك وهنا تقول : نعترض عن بيع الآيسكريم داخل المدرسة لأنه ليس سلعة ضرورية للطلاب خاصة بيع الآيسكريم المثلج الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الماء والسكر وربما مواد مضافة ضارة والحمد لله تم منعه داخل المدرسة ولكنه يباع خارجه أو يشتريه الكثير من الطلاب لأنه رخيص الثمن لكنه ضار خصوصا في الشتاء.
وعن مدى تفاعل المدارس مع التعاميم التي تصدر من مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة بشأن ما يباع أمام المدارس قالت المقالح :مشكلة التعاميم أنها تصدر وبعد فترة تأتي أوامر بعكس ماجاء فيها وهذه ازدواجية.
وأضافت :هناك عدم تنسيق بين مكتب التربية والصحة المدرسية لايفيد الطالب وصحته ويفترض انهم مع المدرسة يشكلون فريقاً واحداً هدفه الوحيد هو صحة الطالب والمقصف المدرسي.
واستطردت: في الأخير لابد أن يكون المشروع يخدم إدارة المدرسة في ترسيخ ثقافة وأسلوب الغذاء والصحة المتبع وليس مشروعا تجاريا أكبر همه الربح المادي بغض النظر عما يقدمه من سلع..كما لايمكن معاملة المقاصف المدرسية كمعاملة أي بقالة أو مطعم..
إجراءات ضد المخالفين
مدير الصحة المدرسية بأمانة العاصمة – علي مرغم ، أكد أنه تم رفع تقرير من اللجنة الطبية بالصحة المدرسية عن أضرار الآيسكريم وكذا تناولها من قِبل الطلاب وتم اصدارتعميم الى مدراء عموم المديريات ومدراء المناطق الحكومية وكذا مدراء المدارس الحكومية والأهلية بمنع بيع الآيسكريم داخل المدارس لما يسببه من أمراض بحسب التقرير وأنه من يخالف سوف يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
،مضيفاً : يجب منع بيع الآيسكريم أمام بوابات المدارس من قبل وزارة الأشغال وصحة البيئة بالتعاون مع مدراء عموم المديريات حيث لديهم أجهزة وأطقم ضبط ، والتعاون في منع بيع هذه المواد يعتمد على تكاتف الجميع بداية من الحارس الى المشرف الصحي بالمدرسة والاخصائي الى الإدارةالمدرسية الى مدير المنطقة ومدراء عموم المديريات وبين أنه قد تم تكليف رؤساء أقسام الصحة المدرسية بالنزول الى جميع المدارس وذلك باستمارة كاملة ومنها منع بيع الآيسكريم إلى جانب أمور أخرى متعلقة بالصحة المدرسية.
وأبدى تفاؤله من تجاوب الجميع خوفا على صحة أبنائنا الطلاب والأطفال بشكل عام حتى لا يتأثر التعليم بسبب تعرضهم المتكرر للمرض.
رقابة صحية
من جانبه حذر الدكتور/ عبدالله اليوسف – طبيب عام بمستشفى الملك التخصصي من أن هناك أمراضاً يسببها تناول المثلجات بكثرة في فصل الشتاء خاصة عند الاطفال وهي التهابات الحلق واللوزتين وكذلك الشعب الهوائية والتهابات رئوية شديدة وخاصة في حالة ضعف مناعة الطفل.
وقال: قد يبدأ الالتهاب كاء لتهاب بسيط واذا لم يؤخذ له المضاد الحيوي المناسب تزداد المضاعفات.
وأضاف :أيضاً قد يسبب تناوله التهابات معدية معوية وخاصة اذا كان المنتج غير مغلف جيدا أو غير مصنع تحت رقابة جيدة ، حيث وأن أضرار المواد التي تصنع منها المثلجات وخاصة الاصباغ تتركز غالبا في الجهاز الهضمي حيث انها تؤدي الى التهابات معوية معدية مترافقة مع حالات اسهال تتراوح مابين المتوسطة الى الشديدة وتؤدي الى سوء امتصاص للمواد الغذائية التي تمتص عن طريق المعدة كما تؤدي الى حالات عسر هضم و بالتالي تؤدي الى فقدان الشهية مما يؤدي الى نقص في معدل وزن الطفل حسب عمره بسبب ضعف المناعة.
ويرى كطبيب ان ظاهرة انتشار بيع المثلجات أمام المدارس وخاصة مدارس الاطفال امر غير جيد لما له من اضرار عليهم، مشدداً بأنه يجب أن تكون تلك المثلجات تحت رقابة صحية للتأكد من نظافة المنتج والبائع.
وقال : ليس كل من خطر بباله أن يأتي أمام مدارس الاطفال يبيع ما يحلو له وان ذلك مسموح ، لكن إذا كانت صناعة هذه المنتجات جيدة وتحت رقابة صحية واخذت عن طريق اماكن مخصصة وبكميات معقولة فلن يكون لها ضرر.
لا يحتوي على قيمة غذائية
فيما أوضح الدكتور عدنان القباطي – أستاذ علوم أغذية بكلية الزراعة أن هناك منتجات لا يمكن أن نطلق عليها ” آيسكريم ” لأن من مكونات الآيسكريم ” حليب ودهن وماء ونكهة ولون وسكر” أي أنه يحتوي على قيمة غذائية وسعرات حرارية , بينما المنتج الذي يباع أمام المدارس رخيص الثمن و مكوناته ” ماء وسكر ولون صناعي ونكهة ” لا يحتوي على أي قيمة غذائية ولا يحتوي إلا على سعرات حرارية فقط , كما أن السكر الصناعي لا يحتوي على قيمة غذائية ولا يحتوي على سعرات حرارية.
وأشار الى أن الكثير يصنعون الآيسكريم في المنازل من عصائر ” البودر” دون المعرفة بمحتوياتها أو مكوناتها وتركيبها ومخاطر الإفراط في استهلاكها وخاصة على حياة الأطفال، كما أن هناك الكثير منها منع استخدامها بسبب الآثار الجانبية التي تسببها ابرزها السرطان لاحتوائها على صبغات ومواد ملونة غير مصرح بالكميات المستخدمة في صناعتها من قبل الجهات الرسمية إلى جانب عدم مطابقتها للشروط الصحية..
تحذيرات
وعلى الرغم من منافع الآيسكريم يحذر الكثيرون من أخصائيي التغذية من بعض السلبيات والمخاطر التي تسببها في الجسم، حيث يشكل الآيسكريم خطراً على صحة الجسم إذ يحتوي على مواد ملونة ومواد حافظة مضرة وغير مرخصة من منظمة الصحة العالمية والجهات المختصة، وخاضعة لمقاييس صحية 100 %.
كما أن بعض أنواع المثلجات تؤذي الأغشية المخاطية عن طريق البلعوم، إلى جانب الإصابة بحساسية الصدر والسعال، والتهابات الرئة، لذا ينصح بتناول النوع الكريمي منها، وانه من الضرورة التأكد من طريقة حفظ الآيسكريم في البرّاد، حيث ان سوء تجميدها، وإعادته يعرضها للبكتيريا، كما يجب التأكد من عدم احتوائها على حبيبات كريستالية صغيرة تحول دون نعومتها المعهودة.