الخير والشر

 
عبدالصمد الخولاني

يتمثل الخير في شرف الإنسانية، ذلك بأن الإنسان مخلوق حر عاقل مسؤول عما يصدر عنه من الأعمال المرادة يمتاز بخلائق كريمة يجدر به أن يحتفظ بها حتى لا يندمج في طبقات الموجودات الخاضعة للفواعل الكونية دون اختيار أو مقاومة ولذلك كان أول ركن من أركان القانون الخلقى أن يحترم الإنسان نفسه “شرف الإنسانية” وأن يجتنب الرذائل ويتمسك بالفضائل التي تقاوم الشهوات النفسائية وأمهات الفضائل التي تصون شرف الإنسان ثلاث: الفطنة والاعتدال، والشجاعة.
أما الفطنة فهي صنعاء العقل ولطاقة الحس وهي ضرورية لصحة إرادة الإنسان لأن من لم يميز بين الحق والباطل يخشى عليه أن لا يميز بين الخير والشر وإن صغار الأثام تؤدي إلى كبارها بالعادة والمباشرة وللفطنة اثنان التعقل والتسامح وهما خلتان لا يستحق المرء أن يرعي بدونهما إنسانا، وأما الاعتدال فهو مزية من أشرف المزايا الإنسانية.
أما الشجاعة فهي إلا يجبن الإنسان أو يستسلم لما يعتريه ويعتري مواليه أو ذويه من مصائب الحياة وأعلى مرائب الشجاعة: الشجاعة الأدبية وهي قول الحق والسعي وراء الحق وبها يكون الإنسان أمينا مخالفا لهوى النفس شديد الحرص على واجباته.
والخير كلمة جامعة تتضمن من الأغراض أحسنها وتشمل ظاهر الأمور وباطنها وتنظم أحسن صلات العبد بربه وتتسع لما طاب من معاملة الناس بعضهم بعضا وتقرر الحقوق الإنسانية.
أما الشر أعادذنا الله منه وصد عنا دواعيه وجراثيمه فقد بينه الإسلام وجعل كل مفسدة تلحق الجسم والنفس والعقل والخلق والمال والشرف شراً وأبان بأن من يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا” النساء أية 115 .
والشر معول العمران وسرطان الأمم والنذير بذهاب العزة والشوكة وحلول الهلكة والسخط ومن الشر عدم التزام الحكمة والرشاد والتخبط في المعاملة وتعطيل الإنسان مواهبه وظلم النفس وتركها وهواها تجعل لله اندادا وتهيم في أودية من الشرك الظاهر والخفي ومبارزة الله بالمعاصي والتواكل والخلود إلى البطالة والتفريق بين المتحابين وأكل أموال الناس بالباطل والكبر والخيلاء والحسد وما إلى ذلك من مظاهر الشر وضروب من الآثام.
والخير في محبة الله والجهاد في سبيله والشرف ضد ذلك.
والخير في طاعة الله ورسوله ونصرتهما واخلاص محبتهما، وأعظم الشر الخروج عن طاعتهما وحسن الظن بالله من أهم وجهات الخير والتوكل عليه عنوان الهدى وشر البرايا من أساء الظن بالله واعتمد على سواه وروح الخير هو الإخلاص في القول والعمل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والشر حليف النفاق واطراح التناهي عن المنكر.
ومن الخير حفظ العهود وأداء الأمانات وتجنب الغدر وعدم الوفاء وخيانة الحقوق مظاهر للشر.
ومن الخير التحري في كسب الحلال فهو أفضل كسب وأهنأ عيش وأطيبه وشر مكاسب الدنيا الحرام وأكل أموال الناس بالباطل.
ومن الخير التواضع وطيب النفس وعدم التطاول على خلق الله والعجبُ شر الأمراض النفسية ودليل قسوة القلب وخلوه من خفقات الخير وصاحبه قد نفخ في أوداجه الشيطان وورم أنفه فهو من حزبه.
ومن أسباب نشر الفضائل واستئصال جراثيم الشر والرذائل ما يقع من الدفاع عن الأوطان في الحرب والسلم والدود عن العقيدة وتقرير دعئم الإيمان والحرية والعزة وإعلاء كلمة التوحيد فذلك من الخير الذي تنشر ألويته على أرباب العقول السليمة وطاعة الله سبحانه وتعالى هي الخير كله ومخالفة أوامره ونواهيه بالعصيان هي الشر كله.
والخير هو مازاد نفعه على ضره والشر هو مازاد ضره على نفعه والخير الذي لا شر فيه هو الجنة والشر الذي لا خير فيه هو النار.
فالخير هو الجامع للفضائل بأسرها والشر هو جامع الأثم والرذائل.
الخير يبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما أوعيت من زاد

قد يعجبك ايضا