آل سعود وسياسة العداء التاريخي لليمن
فيصل مدهش
وفقاً للقانون الدولي والعلاقات الدولية فإنه من الواجب أن تتسم علاقة الجوار بين أي قطرين أو بلدين متجاورين بالودية وحسن الجوار والاحترام المتبادل وفق المنافع العامة للشعبين المتجاورين وليس وفق مصالح الحكام أو المصالح الشخصية وبما يؤدي إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في البلدين، لأن أي تصرف سيء في تلك العلاقة بالتأكيد يؤدي إلى نتائج سلبية قد تزعزع الأمن والاستقرار بين البلدين، وهذا ينعكس أيضاً على كل مستويات الحياة وخصوصاً في الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية .. وفي هذا الاتجاه نستعرض بعضاً من ملامح السياسة السعودية التي مارستها سلطات آل سعود بحق جيرانهم الشعب اليمني الشقيق وخصوصاً هذا العام 2015م والذي وصلت إلى مرحلة متطورة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في أي قارة أو منطقة من مناطق العالم .
في الماضي القريب شهد العام 1342 هجرية الموافق 1923 ميلادية، مجزرة مروعة بحق آلاف الحجيج اليمنيين على أيدي جيش آل سعود، عُرفت فيما بعد بـ «مجزرة تنومة» في عسير ، حيث كان الحجاج اليمنيون زهاء ثلاثة آلاف عزّل من السلاح، كانوا في طريقهم للحج ، فصدف أن التقتهم سرية جنود من جيش آل سعود بقيادة الأمير خالد بن محمد «ابن أخ الملك عبدالعزيز» فأجهزت عليهم، ولن يسلم من تلك الجريمة سوى أقل من 100 حاج يمني .
وفي العام 1990م قامت الأسرة الحاكمة في السعودية بترحيل أكثر من مليون مغترب يمني واستبدلتهم بالهنود والبنجاليين والفلبينيين دون أي سبب يدعو لمثل هذا الإجراء التعسفي ناهيك عمَّا يتعرض له من تبقى من المغتربين من سوء معاملة وإهانة ومصادرة للحقوق، وكل هذا يندرج ضمن السياسة العدائية التي تنتهجها المملكة ضد الشعب اليمني .
خلال العقود الماضية لم تقدم حكومة آل سعود لليمن أي دعم تنموي يخدم الشعب اليمني، وبدلاً من تأسيس صندوق تنموي لدعم الاقتصاد وعمدت إلى تأسيس ما يسمى “اللجنة الخاصة” برئاسة الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز والتي كانت تعنى بدعم أشخاص وكيانات محددة وخاصة تكون تابعة لها، هدفها الأساسي من بداية التأسيس هو القضاء على الدولة اليمنية ومؤسساتها وتطلعات الشعب اليمني وآماله في التطور والنماء ، وكما لم تسع السعودية لضرب مشروع الدولة اليمنية الحديثة فحسب بل تعدت ذلك وعملت إلى إيجاد شروخ عميقة بين أبناء المجتمع اليمني الواحد، سواء منها ما هو متعلق بالطائفية أو بالنعرات والصراعات القبلية .
وفي الآونة الأخيرة وبعد فشل الوسائل السياسية السعودية في اليمن وتقهقر أدواتها القذرة في الداخل بفعل وعي وإدراك أبناء الشعب فلم تستطيع حينها إخفاء سياستها العدائية تجاه اليمن وتدخلت مباشرة، وشنت في بداية العام حرباً عدائية عشوائية هوجاء ضد جارها الشعب اليمني الشقيق بدعم خليجي أمريكي صهيوني لم تستثن في هذه الحرب الشعب بكل فئاته ومشاربه السياسية كما استهدفت كل مقومات الحياة من كهرباء ومياه وطرقات وموانئ ،مدارس وجامعات مستشفيات ومراكز صحية وبشكل عام في هذا العدوان وكما قال المفكر العربي هيكل قضت على ما بناه الشعب اليمني خلال مائة عام ، ناهيك عن المجازر والجرائم التي ارتكبها الطيران السعودي منذ أكثر من ثمانية أشهر من العدوان المستمر دون أي مبرر لا شرعي ولا قانوني .
ما سبق ذكره ليس إلا القليل مما تمارسه سلطات آل سعود بحق جيرانهم من أبناء الشعب اليمني لأن المكان غير كافٍ للإسهاب في التفاصيل ، وما نود قوله أن السعودية وفق عقول حكامها ترى أن من واجبها تجاه جيرانها التنكيل بهم وتدمير كل مقدراتهم التنموية وبناهم التحتية ، لأنهم يريدون يمناً فقيراً ، ذليلاً ، يعيش على فتاتهم ، ولا يريدون يمناً حراً ، مستقلاً ، يأكل مما يزرع ، ويلبس مما يصنع ، لأنهم يرون أن أمن واستقرار اليمن يمثل خطراً على بقاء حكم آل سعود مسيطراً على شبه الجزيرة العربية .
وبما أن السعودية تعتبر من الدول النفطية الغنية فإنه كان بإمكانها إقامة علاقة طيبة وودية وحسن جوار مع جارها اليمن الشقيق ، وبدلاً من اعتمادها على علاقة مع أشخاص لا يمثلون الشعب كان بإمكانها إقامة علاقة مع الشعب مباشرة عن طريق دعم مشاريع البنية التحتية والتنموية فمصلحتها مع الشعب اليمني وأمنها واستقرارها مرتبط بأمن واستقرار اليمن بشكل عام وليس مرتبطاً بأمن خمسة أو عشرة أشخاص تحتضنهم في الرياض .
ولكن للأسف السياسة السعودية ضاعت بين مطرقة الزهايمر وسندان المراهقين، ولا مكان للحكيم بينهما .