كيف تتخلص من حب الحياة؟

عبدالمجيد التركي
كأن تصحو على خبر ينغِّصُ عليكَ يومك كله، صحوتُ من نومي على صوت أحدهم وهو يطلُّ برأسه العريض ولحيته الطويلة من قناة دينية، وهو يتساءل: كيف تتخلَّص من حبِّ الحياة!!
ثم يسرد إجاباته العبقرية على هذا السؤال المحيِّر جداً..
وجدتُ نفسي أقول بصوت مرتفع، كأنني متواجدٌ معه في الأستوديو: ومن قال لك إنني أريد أن أتخلَّص من حبِّ الحياة!!
الحياة جميلة وتستحقُّ أن تُعاش.. وهذه الدعوة إلى التخلُّص من حب الحياة تخفي وراءها أكثر مما تُظهره من الزُّهد والانكباب على طلب الآخرة..
لا أريد أن أتخلَّص من حب الحياة بحزامٍ ناسف يوصلني إلى الجنة، ولا أريد أتخلَّص من حبِّ الحياة بالجهاد في بلدٍ آخر لا يعنيني، ولا أريد أتخلَّص من حب الحياة بأن أعيش في عصرٍ لا يتناسب مع الأدوات التي حملها لنا العصر الذي نحن فيه.. ولا أريد أتخلَّص من حب الحياة بالحياة في تاريخ بعيد جداً عن التقويم الذي أعيش بداخله.
لن ألبس ثياباً لا تتناسب مع واقعي، ولن أناهض ارتداء السلاح والتجوُّل به في صنعاء لأذهب إلى الجهاد في سوريا، أو أقف في صفِّ الأحزمة التي تنفجر باسم الله وبالتكبير والتهليل.
التصوُّف واستكراهُ حبِّ الدنيا والتعلُّق بها سلوك شخصيٌّ لا أحد يستطيع أحدٌ أن يُلزمَ به أحداً سواه، لأنه لا يأتي عبر الخُطب العصماء والندوات وأشرطة الكاسيت التي تدعو إلى الإدبار عن الدنيا والإقبال على الآخرة.. وبالتأكيد حبُّ الدنيا ليس ممقوتاً كما يصوِّره هؤلاء في أحاديثهم التلفزيونية..
وشتَّان بيننا وبين الآخر في النظرة إلى الحياة وإلى ما تستحق أن نعمله فيها ولها.. لكن أنَّى لنا أن ننظر إلى الحياة وثقافتنا العربية ومناهجنا مليئة بالموت والحروب والصراعات وفتاوى القتل المجانية!!

قد يعجبك ايضا