تضليل سعودي للمجتمع الدولي بشأن اقتراب نهاية العدوان

جهود مسقط تراوح مكانها

الثورة / خاص
مع دخول العدوان شهره الثامن يتجاوز عدد الشهداء من المدنيين بحسب إحصائية وزارة الصحة الـ 6 آلاف بينهم أكثر 1277 طفلا و أكثر من ألف امرأة علاوة على عدد الجرحى المهول وحجم الدمار و الخراب و الآثار الإنسانية و الاقتصادية والسياسية البالغة الضرر ، بينما لا يزال المجتمع الدولي مرتبكاً و متردداً رغم كثافة تحركاته التي توصف بالإعلامية أكثر منها عملية .
وفي الوقت الذي تتجه فيه الأحداث في الميدان لصالح الجيش و اللجان الشعبية سواء في الجبهات الداخلية أو في جبهات ما وراء الحدود مع العدوان السعودي بعد فشل مرتزقته في تعز وتعثرهم في مارب، تعالت خلال الأسبوع الماضي أصوات دولية  وإقليمية لوحت في مضامينها إلى اقتراب توقف ما أسمته ” الحرب في اليمن ” ، تلك المواقف بدت منطلقة من إشارات أرسلها المبعوث الدولي عبر أكثر من منبر إعلامي أوحت باقتراب انعقاد مؤتمر جنيف 2 منتصف الشهر الجاري ، وعلى إيقاع التفاؤل الذي يطلقه ولد الشيخ تارة  والتعقيدات التي تزرعها تناقضات أدائه في أروقة المحافل الدولية السياسية و الإعلامية ، يبقى الرهان على الأداء الدولي  والتحركات الدبلوماسية ضعيفا و يذهب إلى جهة غير مضمونة النتائج .
وفي الوقت الذي كان فيه العدوان السعودي يحشد المرتزقة  من جنسيات مختلفة ويصّدر عناصر داعش إلى مطار عدن ويكثف غاراته على مختلف مدن و قرى اليمن ويمعن في حصاره البري و الجوي و البحري ، كان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يتحدث خلال مؤتمر صحافي أجراه بمعية نظيره البريطاني فيليب هاموند الأسبوع الماضي عن مؤشرات ما اسماها ” وقف العمليات العسكرية” في اليمن ، معلقا ذلك بما اسماه «قبول الحوثيين و(الرئيس السابق) علي عبدالله صالح قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والدخول في محادثات الأمم المتحدة على هذا الأساس»، وبقدر ما اعتبر هذا الحديث تلويحا بقرب وقف العدوان ، فإن ثمة قراءة عميقة تعتبر هذا التصريح غير جديد و يحمل في طياته الكثير من المخادعة ، فتعليقه وقف العدوان بقبول القرار الدولي ليس جديدا و هي ” مسمار جحا ” الذي يجيد العدوان استثماره في إعاقة أي تحرك دولي سيما أن الجبير يتحدث عن تطبيق القرار الدولي بعيدا عن النقاط السبع التي يتعمد العدوان تجاهلها عبر الضغط على المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ ليتنصل منها .
وفي الوقت الذي فيه كان وزيرا الخارجية البريطاني و السعودي يتحدثان باتساق في مؤتمرهما الصحفي عن ما أسمياه  ” اقتراب الحرب من نهايتها بعد تحقق مكاسب على الأرض تمكن التحالف من الهيمنة على الأحداث في اليمن ” ، كانت بعض العواصم الغربية بحسب الصحافة الأمريكية و البريطانية ترسل للرياض مخاوفها بشأن تدهور الأوضاع في الجنوب اليمني سيما بعد سيطرة داعش على عدن مشيرة إلى أن ما يسمى ” تحرير الجنوب ” لا يمكن اعتباره انجازا.
وفي مقابل التصريحات الأمريكية و البريطانية التي تحدثت عن قرب إيقاف الحرب على اليمن ، يرى مراقبون أن هذه التصريحات تضليلية لا تختلف عن سابقتها ، باعتبار انها ترمي و تهدف الى خلق خلخلة في الموقف اليمني المتماسك والمستنفر ، وحذر رئيس المجلس السياسي لأنصار الله من تصديق مثل هذه التصريحات ، مشددا على ان التنازلات التي قدمت في مسقط لم تلاق أي تجاوب و ان المجتمع الدولي يعطي العدوان فرصا جديدة لتحقيق أي انجاز على الارض .
وفي بيان نشره أول أمس قال رئيس المجلس السياسي لأنصار الله أن المنظمات الدولية أصبحت مظلة وغطاء لشرعنه العدوان داعيا الشعب اليمني أن لا يعول على ما يتردد في الأعلام حول مساعي إيقاف الحرب و فك الحصار و الوضع الإنساني ، لافتا إلى ” الدور السلبي الذي يلعبه المبعوث الأممي المفروض سعوديا الذي لا يتحرك إلا بإشارة من دول العدوان متجاهلا في كل مقابلاته واحاطاته لكل التفاهمات والتنازلات التي قدمتها الأطراف السياسية الوطنية في مسقط ليعطي دول العدوان مزيداً من الوقت ويشرعن لهم عدوانهم ويغطي على جرائمهم التي فاقت الخيال ووصل الضحايا إلى عشرات الآلاف استخدمت ضدهم أعتى الأسلحة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دولياً ودمرت كل شيء في اليمن “.
على صعيد متصل علمت ” الثورة ” أن الجهود الدولية الجارية في مسقط توقفت بعد ان تجاهل المبعوث الدولي في احاطته الأخيرة لمجلس الأمن النقاط السبع و مجريات المشاورات في مسقط ، وأفادت المعلومات أن كل ما يطرحه ولد الشيخ في الإعلام عن مفاوضات جنيف وموعدها و مكانها ولجانها أطرافها لم يتم الاتفاق عليه بعد.
و بحسب المعلومات التي حصلت عليها “الثورة” فإن المبعوث الدولي يعتزم العودة إلى مسقط مجددا، على اثر رسالة شديدة اللهجة بعثها وفد أنصار الله إليه منتصف الأسبوع الماضي عبرت عن استياء أنصار الله من تجاهله للنقاط السبع و لتفاصيل مشاورات مسقط في احاطته الأخيرة .
وكان قد وجه وفد أنصار الله المقيم حاليا في مسقط الثلاثاء الماضي رسالة وصفت بأنها شديدة اللهجة إلى المبعوث الدولي لليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد ، الرسالة التي بعثها الناطق الرسمي لانصار الله محمد عبدالسلام باسم الوفد، عبرت عن استياء الحركة ” لتجاهله ما تم الاتفاق عليه في مسقط ” ، وجددت تمسك أنصار الله بموقفها الثابت الذي عبرت عنه في الرسالة التي بعثها وفدها في مسقط للامين العام مؤخرا و التي تعهدت بتنفيذ القرار الدولي وفق النقاط السبع ، وبحسب المعلومات التي حصلت عليها ” الثورة ” فإن الرسالة أبلغت ولد الشيخ بأنه ” لم يعد وسيطا نزيها لدى أنصار الله ” ، ملوحة بعدم استعدادها للنقاش معه مجددا.
هذا ومن خلال مسار العملية السياسية و الدبلوماسية بخصوص اليمن بات من الواضح أن المبعوث الدولي اسماعيل و لد الشيخ لم ينجح في إحداث أي اختراق من شأنه أن يفضي إلى إيقاف العدوان و الحصار، ويرى مراقبون انه في كل مرة يظهر ولد الشيخ في موقع الذي يريد فرض ما عجزت عن فرضه الحرب على مدى الفترة الطويلة منذ أن أوكلت إليه مهمة حل الأزمة اليمنية تحت ضغط سعودي لإعفاء المبعوث ‏السابق إلى اليمن جمال بن عمر الذي أفاد بأن السعودية شنت حربها على اليمن في وقت كانت الأطراف اليمنية قد توصلت إلى اتفاق ‏شامل واقتربت من توقيعه لولا تدخلها عسكريا ، وفي حين تضمن قرار تكليف ولد الشيخ إشارة صريحة الى ان يكمل من ‏حيث انتهى بن عمر ، بات من الواضح  بعد مرور أشهر طويلة ان ولد الشيخ ليس بوارد ذلك ، على اعتبار انه لا يمتلك قراره بل يخضع لضغوطات واملاءات السعودية التي فرضته مبعوثا دوليا لليمن .
وفي هذا الصدد بات من الواضح أن الشعب اليمني و القوى السياسية الوطنية تتلقى تلك الأنباء والارهاصات الإعلامية عن الحل السياسي بحذر شديد و تتحفظ في التعاطي معها باعتبارها وفق التجارب الماضية ليست أكثر من فصول خداع تختبئ خلفها ترتيبات تصعيدية تعطي للعدوان الفرص تلو الفرص ليحقق شيئا على الأرض، و هو ما أصبح مكشوفا للوعي الشعبي و العسكري على حد سواء .

قد يعجبك ايضا