عن تزامن الأضحى وثورتي سبتمبر – أكتوبر

د. عبدالعزيز المقالح                         
صدفة سعيدة هذه التي جمعت بين عيد الأضحى وذكرى الثورة اليمنية (سبتمبر- أكتوبر) وفي هذا التزامن يكمن المعني الكبير الذي ينبغي أن يتنبه له أبناء هذا الوطن الذين نجحوا بنضالهم الطويل في دحر الاحتلال الأجنبي والقضاء على حكم العزلة والتخلف وكيف استطاع الشعب بالتضحيات الغالية أن يتغلب على أعدائه وينتصر لثورته ويقدم من أجلها مواكب من الشهداء العظام. وإذا كانت الظروف الراهنة لا تساعد على الاحتفاء بكل من عيد الأضحى وعيد الثورة اليمنية فإن الوقوف تجاه المعنى الرمزي الكبير للانتصارات الوطنية تشكل حافزا لدى المواطنين على الصمود ويرفع من نسبة الأمل لمواجهة حالات اليأس والإحباط التي بدأت تنخر في بعض النفوس الضعيفة والمتهاوية. وما يزال من الصعب حصر المعوقات التي وقفت في وجه الثورة وآثار الحرب التي استمرت أكثر من سبعة أعوام غرقت خلالها الجبال بالدم وفقدت البلاد أعظم الرجال وأكثرهم شجاعة ونبلا.
لقد تكالب العالم على الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) وبذلت القوى المعادية لها كل ما في خزائنها من مال وما في مخازنها من أسلحة. وخاض اليمنيون ببسالة وشرف حربا ضارية توجت بالنصر وقد لعبت بريطانيا الدولة المحتلة لجنوب البلاد دورا أساسيا في محاربة الثورة والتحريض وجمع القوى المتنافرة للتصدي لها إدراكا من دولة الاحتلال بأن انتصار الثورة هزيمة للاحتلال ولوجوده لا في جنوب بلادنا فحسب وإنما في كل مناطق الخليج وفي بقية مستعمراتها في الشرق الأقصى. ولهذا فقد قاتلت بشراسة ودفعت ببعض القوى العربية للوقوف معها في خندق واحد لإخماد نيران الثورة ولأن الشعب عرف كيف يوحد خطواته ويتناسى الخلافات الثانوية فقد نجح في الانتصار لأهدافه. ومهما كان حجم التضحيات التي قدمها فإن الوطن جدير بأن يحظى من أبنائه بكل غال ونفيس.
وإذا كان ما يزال هناك حتى الآن في قعر المجتمع من يشكك في الانجازات التي حققتها الثورة رغم المعوقات والحروب الخفية التي لم تتوقف يوما فإن بقاء مثل هؤلاء المرضى يزيد من ثقة الناس بالثورة وما حققته من إنجازات تاريخية على أكثر من صعيد ولهؤلاء وأمثالهم أن يحاولوا حجب أنوار الشمس بكلماتهم وإنكار إشراقها الدائم. فإن وجود المنكرين والجاحدين يساعد على استنهاض الوعي وتنشيط ذاكرة المجتمع والدفع به إلى إعادة النظر بموضوعية في تاريخه الحديث والتأكد من الانتصارات الحقيقية للثورة ودورها في إخراج البلاد -يومئذ- إلى واقع العصر بعد أن كانت تعاني من العزلة والتخلف وكان أبناؤها يرسفون في قيود الاحتلال وطغيان الفرد. وما كان للبلاد وأبنائها أن يحققوا هذا القدر من النهوض السياسي والاقتصادي والثقافي من دون الثورة وزلزالها الإنساني المجيد.
إن الذين يكرهون الثورة إنما يكرهون أنفسهم ويكرهون التطور والتغيير ولا يرغبون في أن يغير الناس ما بأنفسهم فيغير الله تعالى ما يعانونه من ظلم وقهر وفساد وهذا النوع من البشر الذين يأنسون إلى الجمود ويريدون لجماهير الشعوب أن تظل قطعانا تأتمر بأمر مالكها الطاغية الذي يأمر فيطاع ولو كان أمره يتنافى مع مصالح الناس ومع منطق العدل وموقف الكارهين للثورة إنما يخدم الطغاة ويساند -دون أن يعلموا- الحكام الذين يخضعون شعوبهم ويسلبون ثرواتها ويبددونها في تحقيق رغباتهم وما تحركهم من نزوات وأهواء. لقد ذهب زمن الحاكم الفرد وجاء زمن المؤسسات والأنظمة القائمة على حكم الشعب نفسه بنفسه بعيدا عن الهيمنة الخارجية الاستعمارية وطغيان الفرد الديكتاتوري.
تأملات شعرية: إلى شهداء الثورة
يرحلون إلى الله
يستلمون جوائزهم
وتذوب مواجعهم في رحاب من النور
والحب
حيث النعيم المقيم
ولا حقد يهزأ من نورهم
لا طغاةú.

قد يعجبك ايضا