عن الواهمة التي استجارت بالحلم عن الواقع

د/ عرفات عبدالخبير الرميمة

يقول المثل الألماني : اذا كانت النتيجة صحيحة فمعنى ذلك أن كل شيء قد سار على ما يرام .
ولو خلا كل إنسان منا بعقله – بعيدا عن العقل الجمعي الذي يحول الفرد الى حيوان يفكر بعقلية القطيع –  للحظات وتجرد من جميع العواطف والتحيزات -المناطقية والحزبية والمذهبية التي تشكل فيروسات تمنع العقل من التفكير السليم – وسأل نفسه : ما الفائدة الاستراتيجية التي جنتها تعز من منعها للجيش واللجان الثورية من دخولها ¿ بمعنى آخر : إذا استولت – ما يسمى مجازا- المقاومة على تعز هل ستؤثر على صنع القرار اليمني وتغير خارطة اليمن السياسية في الداخل والخارج ¿ لو أستخدمت العقل والمنطق في الإجابة لعرفت أن منع الجيش واللجان الثورية من دخول تعز واستيلاء لجان اللقاء المشترك على بعض مناطقها – خصوصا حزب الإصلاح والتكفيريين – لن يغير شيئا يذكر في صنع القرار السياسي اليمني سواء في الداخل أو الخارج مع الاعتراف بأنه كلف تعز أثمانا باهظة تمثلت بتدمير البنية التحتية بشكل شبه كامل وبكسر أواصر النسيج الاجتماعي بين سكانها وبسفك دماء خيرة أبنائها – من الطرفين – والأهم من كل ذلك هو الصبغة المناطقية  والتعالي الأجوف الذي يجعل من تعز أهم بكثير من اليمن ويجعل العدو السعودي أقرب لها – ولبعض أبنائها- من أبناء وطنها ما سبق قد أسقط ورقة التوت الوطنية والثقافية التي كانت المدينة تباهي بها بقية المدن, وهذا بحد ذاته أكسب أبناء المدينة – المنتشرين كالجراد في بقية المحافظات – عداء سوف ينعكس أثره في المستقبل مع أبناء تلك المحافظات التي ترى من يقف مع المعتدي السعودي معتديا يفوق خطره خطر العدو السعودي ويجب محاربته بكل الوسائل المتاحة .
لقد تعامل بعض أبناء تعز مع الحدث بعاطفة عمياء تشبه تعامل القطة التي تأكل أبناءها – خوفا عليهم من عدو متوهم قابع في لا شعورها المريض – فالخوف يجعل العقل يتوقف عن التفكير وينسى الواقع وينشغل بما سوف يقع . لو تعامل أبناء تعز مع الجيش واللجان الثورية  بواقعية سياسية وبعقل منفتح – بعيدا عن المنظور الحزبي الأعور والمناطقي الأعمى وتقيحات الأنا الشيطانية التي ترى نفسها خير من الآخرين – كما تعاملت معهما بقية المحافظات لما وصل حال المدينة الى ما هو حالها الآن لكن البعض من أبنائها تعامل مع الوضع بشكل عاطفي ساذج ناتج عن الشحن الإعلامي -الذي يخاطب الغريزة وليس العقل – وهو أقرب لعناد الأطفال والطبائن ولا يمت للواقع السياسي بصلة وهو أشبه بحال القطة التي أكلت أبناءها وبمنطق اللامنطق الذي جعل الوقوف مع العدو الخارجي ضد أبناء البلد مقاومة  وحارب أبناء بلده بسلاح المعتدي وماله وهذه سابقة تاريخية سوف تدخل أبناء المدينة المثقفين موسوعة غينس للخيانة الوطنية وللغباء السياسي .
فالحالمة التي أستجارت من رمضاء الجيش بنار مليشيات الإصلاح وبعض التكفيريين حالتها اليوم وهي متخمة بالمسلحين – بكل أنواع الأسلحة في كل حارة وفي كل زغط – ومتخمة بالزبالة القاتلة – التي لا يقل خطرها عن خطر المسلحين نتيجة لتلك الأوضاع – تلك الحالة المزرية التي تسر العدو وتغيظ الصديق تدل على أن بعض أبناء الحالمة قد ساروا في الاتجاه الخاطئ بفعل الشحن الإعلامي الممنهج – خصوصا قناتي الجزيرة والحدث الأكبر من العربية – وانعدام أفق الرؤية السياسية التي قرأت الواقع السياسي لتعز مبتورا عن سياق الوضع السياسي والميداني لليمن ككل .
لقد هربت  تعز من وهم احتلال جيش الدولة الى واقع مليشيات الإصلاح وظهور بشائر داعش التي تفرض واقع اللادولة – بكل ما تعنيه الكلمة وبحكم قانون ملء الفراغ في الكيمياء الذي يتحدث عن الغازات -الحالمة اليوم هي عاصمة الشقابة والزبالة والدبور والمليشيات التي جعلت من حمل السلاح الذي عابته على الآخرين سابقا مظهرا حضاريا لها لتبقى الحالمة تعيش على وهم الأحلام هربا من جحيم الواقع وتنتظر من يوقظها من سباتها الدجماطيقي عل وعسى .

قد يعجبك ايضا