لماذا الحقيقة مرة وفضح النفاق قيمة دينية وحضارية..¿
تكشف لنا الأزمات والتحديات عبر المحطات التاريخية التي يمر بها وطننا الحبيب أن هناك من يعمل تحت مظلة كبيرة وسماء واسعة وصافية هي مظلة وسماء هذه الوطن الكبير الذي نتفيأ خمائله جميعا وهناك من يعمل تحت مظلات سياسية وشخصية داخلية وخارجية.
لا أريد الإسهاب وسأحاول اختصار حديثي هنا عن نقطة مهمة وهي الجانب الاقتصادي ووضع الريال وكلام البعض الذين حاولوا خلال الفترة الماضية نشر الخوف والهلع بين الأوساط المختلفة, وسبق وأن أدليت برأيي حول هذه القضية من منظور وطني وتجربة عملية في العديد من الوزارات الهامة وخلفيتي في التخطيط الاستراتيجي عند حصولي عل? درجة الماجستير من الولايات المتحدة.
وبكل تواضع أحب التوضيح بأنني خبير في الميدان وفي التخطيط والتعاون الدولي (22) عاما ووزير في عدة وزارات (4) سنوات وإن لم أكن خبيرا اقتصاديا لكني ولعل هذه هي المرة الأولى تقريبا التي أصرح فيها بهذا الأمر قد تلقيت عروضا للدراسة لعام واحد في أرقى جامعات (أمريكا) و(هونج كونج) بالصين لاستكمال الحصول على شهادة الدكتوراه من خلال أبحاث عدة تقدمت بها عن أوضاع بلادنا الاقتصادية والسياسية وألقيت محاضرات في تلك الجامعات, ولكني حاليا مشغول بأوضاع بلادنا والتحديات والتآمرات التي تواجهها وأرى أن الشخص الآن يفيد وطنه بواقع العلم والخبرة من الميدان وليس بالتنظير الذي يميل إليه بعض الإخوة الأكاديميين للأسف الشديد لا يزال عدد منهم متوقفين وحائرين بين صفحات الكتب التقليدية والنظرية ولم ينطلقوا للواقع وإن تحدث أحدهم فإنك تجد في كلامه قيودا ومصطلحات لا يستطيع تنفيذها عمليا وترجمتها بواقعية وبطريقة تعكس حقيقة مقدرته في التعامل مع المتغيرات والواقع المعاش الذي هو حتما مختلف تماما عن النظريات المكدسة في كتب الجامعات وأقول هذا الكلام من خلال تجربة عملية وليس كلاما إنشائيا موجها نتيجة موقف ما سياسيا كان أو شخصيا .
أنا أعرف الأعزاء الأكاديميين جيدا وأعذرهم في ما هم عليه وقد التقيت بعدد كبير منهم بصورة مستمرة أثناء عملي كوزير للتعليم العالي, وبعضهم لم يكونوا يتقبلونني كوزير للتعليم العالي لأنني لا أحمل شهادة الدكتوراه وخانهم التقدير حينها عندما نسوا أنه منصب إدارة عليا سياسي وأنها ترتيبات سياسية إدارتها الأحزاب وليست الجامعات.
أعود للحديث عن حكاية العملة الوطنية وأقول إن ما طرحه البعض حولها من تنظيرات هي خاطئة ونسبة كبيرة منها صادرة عن خلفيات ومؤثرات سياسية تدخل في إطار الصراع المحتدم في البلاد الذي يحضر فيه كل شيء إلا مصالح الوطن العليا وقيم وأخلاقيات الصراع الشريف وأعتقد أن الحديث عن كارثة اقتصادية وضائقة بالعملة الصعبة أكثر من (90%) منه تحريض وإشاعة وهذه أمور وقضايا أساسا تخص الدولة في مصروفاتها, وما يدور من تفسيرات وكلام عن مخاوف بهذا الشأن لا تتعدى أكثر من كونها أسطوانات مشروخة يستخدمها بعض الإخوة الأكاديميين إسقاطا لنظريات لا مكان لها في السوق اليمنية وفي ظروفنا هذه.
صحيح أن الدولة حاليا تعاني من تدني إيراداتها بشكل عام, أما العملة الصعبة فمصادرها إيرادات النفط والغاز والتحويلات الخارجية والمساعدات وما تورده البنوك التجارية للبنك المركزي, وبالتالي نستنتج في هذا السياق إن الشحة أو الصعوبة الحالية هي بسبب توقف إيرادات النفط , وما يدور من حديث حول تراجع التحويلات الخارجية من المغتربين, ولكن الأمر المؤكد حول هذه النقطة الأخيرة هو أن الإخوة المغتربين يحولون الآن عبر مكاتب الصرافة في جدة والرياض وأبو ظبي وكذا مراكز تحويلات في أمريكا وبريطانيا وغيرها بمعنى أن التدفق المالي للبلاد ما يزال مستمرا بشكل أو بآخر, إضافة إلى الأشخاص الذين يحملون العملات المختلفة وبضائع شخصية أثناء تحركهم للداخل ناهيك عن حجم التعاملات الداخلية عبر الشركات والبيوت التجارية فيما بينها, ويأتي هنا في الوقت الحالي مصدر مهم غير الدولة اليمنية ألا وهي الضخ الهائل من دول العدوان لتمويل العمليات العسكرية وشراء احتياجات القوات التابعة لهم بالداخل وشراء الولاءات ومن والاهم في الأرض, هذه مبالغ لم يسبق لها الدخول في السوق اليمنية.
وبناء عليه نخلص إلى أن الدولة صفتها ودورها واضحان في كونها مراقبا ومنظما للسوق الاقتصادية والمالية, ومتحكم إلى حد كبير في السياسة النقدية والخدمات المفترض بها أن تقدمها, ونسبتها من النشاط الاقتصادي الإجمالي معروفة, ولا تؤثر على سير النشاط الإجمالي في البلد إلا فيما يخصها من نواحي الناتج القومي الإجمالي.
وبالتالي فإن التجار والإخوة المواطنين من ناحية ودول العدوان من ناحية أخرى لهم تصاريفهم وتأثيراتهم المباشرة في النشاط الاقتصادي والمالي والتجاري هذه الأيام والدولة من جانبها لها موظفوها في الشقين (المدني) و(العسكري) وتعاملاتها مع احتياجات الخدما