الأمم لا تخترق إلا من الداخل
• إلى أين¿ سؤال الساعة, بل هو السؤال الذي سيضرب في الذهن, خصوصا عندما يكون السؤال عن مصير بحجم مصير الوطن.
اليوم نتحدث عن مستقبل قاتم ينتظر الجميع, الكل خول نفسه صلاحية تحليل الوضع الراهن: الواقع / والمآلات, والكل محق في ذلك لأننا نتحدث عن مصيرنا جميعا والكل مسؤول عن هذا المصير.
عندما انبش في ذاكرة موروثنا الشعبي من الأمثال وما تفتقت عنه ملكات بعض ممن أفاء الله عليهم بقريحة ولسان استطاعت أن تصير ما نضحت به لساسينها إلى قول حكيم جرى بين الناس مثلا كالقول بـ: (الحجر من الأرض والدم من رأسك).
أتوقف كثيرا عند هذا المثل الدارج في اللسان لأني اكتشف دائما أننا أس البلاء وبيت الداء, ومكمن العلة في كل ما نعانيه.
ألم يقال قديما أن الأمم لا تخترق إلا من الداخل خصوصا عندما تكون جبهتها الداخلية متصدعة وغير موحدة.
قد يعتقد البعض أنني في وارد الحديث عن الأسباب التي أفضت إلى النزاع القائم بكل تضاعيفه هذا إذا أعتقد البعض ذلك ولكني في واد آخر وفي هم يحمل هم الوطن ككل ولست مسؤولا عن تعيين أسباب المشكلة التي نعاني منها اليوم لأن الحديث عن أسباب المشكلة قد يفضي بنا إلى تفاصيل نحن في غنى عنها سيما وأن المجتمع قد فرز بطريقة يصعب احتواؤها, هذا إذا أردنا أن نتكلم بصراحة ووضوح.
تراكمات كثيرة من المشاكل والأزمات السياسية هي التي قادت إلى ما نحن عليه اليوم والمصيبة أننا نحمل بعضنا البعض أسباب هذه النتيجة وهي المصيبة التي لن تقود أبدا إلى الوقوف على الحلول الناجعة للمشاكل التي نعانيها.
مشاكل كثيرة وحلول غائبة ووطن حمل ذنوب وأرزاء بنية بما تنوء طاقته عن تحمله, إذا كيف سيحملنا هنا الوطن, وكيف سنبلغ بسفينته بر الأمان ونحن من يخرق في هذه السفينة وبـ” وحي من الغيب أو بإيحاء من العبث”.
مصيرنا على المحك والعقل غائب والحقد هو المنطق الغالب والجميع يدعي الصواب والضحية هو الوطن.
دعوني أحدثكم إذا أنه ومنذ الأزل وحتى العصر الحديث مر العالم بحقب مختلفة من الاحترابات والاصطراعات التي انتهت باحتلال دول ومسخ هويتها الثقافية والدينية, الشيء الذي لم يكن ليحدث لولا أن المنتصر في الحرب كان يدرك بوجود فجوات داخل مجتمعات هذه الدول ستقوده إلى تحقيق مآربه.
غزو هولاكو لبغداد احتلال العرب لبلاد الأندلس وهو واحد من أطول الاحتلالات في التاريخ خضوع الصين للاحتلال من قبل ست دول في حقبة تاريخية معينة, فضلا عن الحقبة الاستعمارية البريطانية لكثير من دول العالم والتي جاءت بفعل قوة جذب من الداخل نتيجة وجود نتوءات وتشققات في هذا الداخل, إلى حروب اليابان واحتلالها لبلاد شرق آسيا, إلى استقلال باكستان عن الهند, انفصال السودان عن مصر, احتلال الصهاينة لأرض فلسطين العربية.
التاريخ يعلمنا بأن الأمم المنتصرة هي تلك التي استطاعت أن تلم شعثها وأن ترص صفوفها وأن توحد جبهتها وأن تلتقي تحت راية واحدة وهدف واحد هنا فقط لا يمكن لأي أمة أن تهزم مهما كانت هذه الأمة قليلة العدد فقيرة العدة.
دروس كثيرة جدا من التاريخ يمكن أن نستخلص منها العبر, وأهم عبرة في هذا المقام أن الأمم لا تنتصر بفعل ما تملكه من قوة مادية, بل بحكم ما تملكه من قوة روحية, قوة تتجسد بفعل إرثها الحضاري والتاريخي وبفعل وحدتها الداخلية.
والسؤال: متى نفهم أن وحدتنا هي سر قوتنا وأننا بدون أن تكون جبهتنا الداخلية موحدة لن نساوي شيئا ¿
إذا هو الحوار القائم على تفهم وتقبل الآخر الذي سيوفق بين الأضداد ويدفعهم للاجتماع حول مشروع وطني واحد.
معادلة سهلة للغاية.. متى نفهمها ¿¿