الوطنية فعل ومسؤولية

جميل مفرح

أبرز مشكلة تلوح الآن في صفات وسلوك اليمنيين وخصوصا المتسيسين منهم أو أتباعهم, أنهم يتنازعون الوطنية ويتفاذفون بالخيانة والاتهامات!! وجوهر المشكلة في أن التنازع على الوطنية يتم بين الجميع كل من جهته في صيغة الخطاب سواء المتبادل أو الموجه إلى العامة, فكل يدعي الوطنية ادعاء لفظيا بحتا لا تكاد تقود إليه علامات ولا تصحبه براهين ملموسة سوى توجيه تهم الخيانة في المقابل للخصوم الذين ينازعونه الاتصاف اللفظي أيضا بالوطنية ويبادلونه كيل اللعنات والاتهامات.. وفي كل الحالات والأحوال تظل كل تلك الادعاءات من جانب والاتهامات من جانب آخر مجرد تنازعات ونزاعات لفظية مجردة وخاوية لا يمكن الاعتداد بها!!
لا يمكن بالمرة الاعتداد بكل ذلك الهذر اللفظي تنميقا كان أم تشويها.. لأن لا أحد من كل أولئك حاول إثبات ما يدعي خصوصا فيما يتعلق بادعاء الوطنية.. لم نجد طرفا أو أشخاصا من كل تلك الكثرة المدعية أثبتوا أو حتى حاولوا يثبتون وطنيتهم من خلال الفعل الوطني الحق والمتميز الذي يحسب لهؤلاء أو أولئك أو لهذا أو لذاك.. والدليل على ذلك أنهم هم من يضطرون إلى ادعاء الوطنية وتلبسها والتبجح بها, ومحاولة ارتدائها وإن لم تكن من مقاساتهم والصحيح لو أنهم أبدوا حقا وطنيتهم بلوازمها أو بما يمكن أن يثبتها من فعل لوجدوا ووجدنا أن سواهم من يمنحهم تلك الصفة ويشكرهم عليها ويحمدها فيهم ولما وجدناهم بالفعل يضطرون إلى وصف أنفسهم بها وتقمصها عنوة أي اغتصابها..!!
لو أن تلك القوى أو تلك الشخصيات فعلا قامت أو تقوم بما يمكن أن يحسب لها في رصيدها الوطني لشكرت عليه بدلا من أن يضطر إلى شكر نفسها بنفسها!!
ولو أنها فعلا كانت تنافح وتجاهد من أجل مشروع وطني حقيقي مجرد من لوثات الكيد السياسي والنزاع التسلطي والخلاف الحزبي أو الفئوي أو المناطقي لوجدت نفسها دون أن تدري على رأس هرم الاتصاف بالوطنية والولاء والوفاء والشجاعة ودون أن تحتاج إلى تلميع نفسها أو إلى من يلمع شخوصها وحضورها وفعلها الذي بات ينحو منحى عكسيا لدى العامة وانطباعاتهم وفي آراء وتقييم الداخل والخارج فالتقييم العام لكل تلك القوى بات لا يفارق الانتهازية السياسية والأنانية الحزبية والسلطوية!!
وأخيرا ما تزال عامة الشعب في الوقت الراهن تعقد آمالها رغم كل النكسات والانتكاسات التي تلقتها من تلك القوى ما تزال تؤمل أن ثمة من يعنيه حقا أمر هذا الوطن وهذا الشعب الذي بذل وضحى بالكثير والكثير من أمنه واستقراره ويوميات حياته عاقدا آماله في تلك القوى وأنه ما يزال لديها ما يمكن أن يحمد ويشكر من العطاءات والتضحيات تجاه الوطن وفي سبيل خروجه من مآزقه وأزماته وتحقيق ما يستحقه ويتطلبه من أمن واستقرار يكفي ليعيش أبناء هذا الشعب بأقل القليل مما يستحقونه من أمان واستقرار وتطلعات!!
ما يزال الشعب فعلا يأمل ويتطلع لذلك ليتأتى من قبل النخب السياسية التي تتصارع وتتقادف وطنا بحجم اليمن وشعبا بمكانة اليمنيين فهل ترى أن هذه النخب جديرة بتلك الآمال وتلك الثقة¿! وهل لديها الاستعداد فعلا لتثبت وطنيتها الحقة دون اللجوء إلى مسميات الادعاءات التجميلية التي تضطر إليها رغم معرفتها بزيفها وكذبها¿!

قد يعجبك ايضا