استعمار المقاومة..
ما في أدنى شك لمن يتابع مجريات وأحداث السياسة الدولية لجهة اليمن أنها كانت قبل عدوان التحالف الدولي حريصة كل الحرص على تنفيذ مجموعة من الاستدراجات التمهيدية والأساسية لنقل الصراع الجاري على الصعيد الأعلى الإقليمي والدولي من المنطقة الساكنة إلى المنطقة الساخنة .
وتلك الاستدراجات كانت بمثابة الطعم الأخضر داخل العملية السياسية اليمنية من أجل تمديد رقعة الصراع بشكل أو بآخر على نحو التأييد بصمت لأحد الأطراف ومعارضة الطرف الآخر بعدما نجحت تلك السياسة في رسم مخرجات لم تتحقق لما جرى تسميته حاورني أحاورك وكانت النتيجة عكسا لحقيقة ذلك الحوار.
لأن عسكرة العملية السياسية اقتضت توفير مبررات في الحد الأعلى والحد الأدنى لاستكمال احتلال العملية السياسية لأنها أصلا كانت محتلة من قبل بواقع ??? غير ان قوى الهيمنة والسيطرة كانت تبحث عن توفير ما تبقى من تلك النسبة لعسكرة عدن بالقوات الدولية وكان ذلك أمرا مستحيلا لولا أن قوى السيطرة قد وفرت السبب والمبرر بغض النظر عن التداعيات الجارية .
وبالتالي فإن إعلان أحد الأطراف المحلية الانسحاب من بعض المدن أدى إلى خلط الأوراق لجهة مفهوم المقاومة أهي استدعاء الاحتلال من خلال توفير السبب أم أنها جزء من ذلك الاحتلال أم أن المقاومة قد تعددت مهامها وبالتالي توفير السبب للاحتلال ثم تعلن الانسحاب حقنا لدماء اليمنيين .
أدى هذا إلى إظهار فهم آخر لمعنى مغاير للحقيقة في فهم المقاومة , فما هو معروف في كل التشريعات أن المقاومة مقاومة الاحتلال أو مقاومة العدوان الخارجي وليست المقاومة توفير أسباب الاحتلال وإيجاد المبررات له , يلي ذلك إلى ما ستؤول إليه تلك المقاومة مجازا بالنظر لوجود قوات محتلة لعدن .
معنى ذلك أن قوى السيطرة والهيمنة وضعت البلد والوطن أمام مفهومين مغايرين للمقاومة وكلاهما لا علاقة لهما بالمقاومة ويعبران عن مفهوم واحد مغاير لحقيقة ما يجري في الواقع .
وما يثير الدهشة والاسغراب أننا أمام مفهومين احدهما يبرر الاحتلال ويخلق له السبب والآخر يؤيد الاحتلال ويوفر غطاء لذلك المحتل وكأن ذلك الاحتلال في ظل الخلط القائم قد صار هو الآخر مقاومة الأمر الذي ترتب عليه التباس في المفاهيم وبالتالي قد لا تصمد هذه المقاومة بنوعيها إما أنها تجهل ما يجري أو أن كلاهما جزء من المشروع الدولي وفي كلا الحالتين اليمن متضررة والشعب كذلك مما يدور ويجري في الظرف الراهن .
حتى أنه لا فرق بين مقاومة توفر السبب للاحتلال ومقاومة تؤيد الاحتلال, الأمر الذي يثير الدهشة والاستغراب في واقع التناقضات القائمة وما تشهده العملية السياسية من حالة انهيار متكامل تظهر أن المتصارعين يدوران في فلك واحد ظاهرة غير باطنه يمينه غير يساره وشماله غير جنوبه وكلاهما يعبران ويمثلان ويحققان مصالح القوى الإقليمية والدولية المستفيدة من احتلال عدن والسيطرة عليها بحكم مضيق باب المندب لضمان أمن واستقرار الكيان الصهيوني بدرجة أساسية.