لحظة يازمن…خبيري

حين كان يسمع صوتها ينادي تجتاحه أمنية حارقة لشدة استحالتها.. لو تحقق الصوت حبلا مجدولا.. يتسلقه حتى يصل إليها تصوره.. ذلك الشيء المستحيل.. كان يعوض لديه أضعف اليقين.. بأنه يمتلك على الأقل ذلك النوع من التصورات التي تتجاوز الخيال نفسه فتلعيه خلال تلك الدقيقة التي يكون فيها الصوت قد خلخل الفضاء وتلاشى أما بعدها فيعود إلى حالته الانكماشية متقوقعا في حضرته الاعتيادية يلحس جراحاته.. ويحضر لأحزانه قبورا ترابية يسورها بكل عناية وحرص بأحجار صلبة.. من البلق الأبيض وفي الوسط من تلك الدوائر القبورية يغرس نبات ” الأذخر” يسقيها بماء.. اغترفه من بركة سبيل ثم ينفض التراب العالق بثيابه المهلهلة ثم يغادر.. يمشي قليلا والتفت وراءه يخامره الخوف من أن تهب الريح.. وتقتلع تلك النباتات.. ويلتفت مرة ومرتين وثلاث.. بعدها يقتنع أن لا خوف هناك عليها ويأتيه صوتها متخيلا هذه المرة ترتبك مشاعره وأحاسيسه يتوقف وتنطلق أياديه تتحسس في جيوبه المخزوقة.. إذا كانت هناك ثمة أحزان بقيت.. يفتش بكل حرص وعناية ولا يجد شيئا ثم يستمر في سيره وحيدا في الطريق.. يتمنى لو تساقطت الدموع من عيون لم تعد تستطيع البكاء.

قد يعجبك ايضا