دلالات اللقاء السعودي- الإسرائيلي العلني في واشنطن
الإخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام الغربية والعربية حول الاجتماع ما بين السيد عشقي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والقانونية في جدة وغولد السفير الإسرائيلي السابق لا تنبع أهميته من نشر هذه المعلومة بحد ذاتها فهي في تقديرنا المتواضع لا يدخل إلا ضمن ما يمكن تسميته بالتفاصيل. فالعلاقات بين آل سعود وبطانتهم من جانب والطبقة السياسية في إسرائيل من الجانب الآخر هي علاقات تاريخية قديمة لم تنقطع وخاصة في مجالات التنسيق الأمني والسياسي سواء المباشرة أو غير المباشرة عن طريق الولايات المتحدة أو غيرها من الوسطاء. لسنا هنا في صدد مراجعة هذه العلاقات ومحطاتها ولكن لا بد أم ننوه إلى بعضها فمن العمل على فك الوحدة بين مصر وسوريا ودعم النظام الملكي في اليمن ضد المؤازرة المصرية للثورة اليمنية ومحاربة الرئيس العملاق جمال عبدالناصر وكذلك التوجه القومي العربي في المنطقة والانخراط الكامل ضمن المخطط الأمريكي الامبريالي للمنطقة بما فيها ضمان أمن الكيان الصهيوني وضرب حركة التحرر لشعوب المنطقة ومحاولات القضاء على الدول الوطنية وخاصة في مصر وسوريا والعراق. ولكن اللافت للنظر مؤخرا هو هذا الكم الإعلامي المباشر أو غير المباشر إلى جانب التصريحات والتلميحات الإسرائيلية حول الاجتماعات السرية والتنسيق الأمني بين آل سعود وإسرائيل حول العديد من القضايا وخاصة فيما يخص الملف النووي الإيراني واستعداد الإدارة الأمريكية لإجراء المباحثات مع إيران والوصول إلى اتفاق بشأن هذا الملف التي بات من شبه المؤكد بحسب المصادر المطلعة ان يتم التوقيع عليه مع حلول نهاية هذا الشهر اللهم إلا إذا ما حدث شيء لم يكن في الحسبان. أما تسريب الخبر الأخير من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية ونشر بعض ما جاء في المقابلة التي أجرتها صحيفة يديعوت أحرنوت المقربة من الطبقة السياسية الحاكمة في الكيان الصهيوني في هذا الوقت بالذات وضمن ما يجري من صراعات في منطقتنا لا شك أن له دلالات عدة التي نود هنا ان نشير على الأقل إلى بعضها كقراءة أولية لها الخبر. هذا التسريب عن الاجتماع العلني الذي تم بين أحد المقربين من دوائر القرار في السعودية ومسؤول رفيع مستوى إسرائيلي مرشح ان يشغل منصب في وزارة الخارجية الإسرائيلية له دلالاته وابعاده السياسية وان ادعى السيد عشقي أن الأمر لا يتعدى كونه مقابلة شخصية وليست رسمية أو بتكليف من آل سعود. فهذه التصريحات لا تنطلي على أحد من المتابعين للأحداث في المنطقة. وقد سبقها حدث مماثل وادعاءات مماثلة من قبل الأمير تركي الفيصل السعودي الذي قام بنشر مقال في صحيفة هآرتس الإسرائيلية الذي ذكر فيه انه يتمنى اليوم الذي يستطيع فيه ان يزور إسرائيل وأن يستقبل إسرائيليين في بيته في الرياض ..الخ وقيل عندها أنه يقول ذك بشكل شخصي وأنه لا يمثل آل سعود الحكام في السعودية. هذه التسريبات الجديدة تأتي ضمن استقطاب سياسي حاد وعميق غير مسبوق ولم تشهده المنطقة في أي مرحلة من المراحل التي مرت بها. هذا الاستقطاب بين محورين فقط وخاصة الآن وبعد انضمام تركيا وقطر إلى التحالف مع المحور السعودي. المحور السعودي التركي القطري المدعوم أمريكيا وإسرائيليا وبين محور المقاومة من إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله وعدد من الفصائل الفلسطينية التي لم ترتضي أن تبيع ولائها للقضية الفلسطينية أو العربية لصالح حركة الأخوان المسلمين ومشروع السلطان العثماني. التسريبات حول الاجتماع يجب أن يفهم من هذا المنطلق ومن شبه المؤكد أن هذه الخبر لم يكن ليأتي دون أن يستشار آل سعود في نشره وبهذا التوقيت بالذات. فهذا يأتي ضمن منظومة سياسية وتوجهات سعودية جديدة في المنطقة وإدارة سياساتها الخارجية التي برزت بشكل واضح بشن عدوانها العسكري الهمجي المباشر على اليمن منذ ما يقرب من الثالثة أشهر الآن وعدم الامتثال للدعوات التي أطلقتها العديد من منظمات الإغاثة الدولية وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة لإعطاء فرصة لوقف القصف الجوي ولو لبضعة أيام لإيصال المساعدات الإنسانية اللازمة للمناطق المنكوبة في اليمن التي قاربت أن تكون كل المناطق باستثناء حضرموت التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة وداعش الذين لم يصبهم أي أذى. ما تدلل عليه التسريبات الأخيرة وبمباركة سعودية ضمن هذا الواقع هو الإعلان الرسمي والمباشر على ان الاستقطاب السياسي في المنطقة قد وصل الى حالة الذروة واللاعودة وعلى أن الدول العربية الرجعية بقيادة آل سعود والطبقة السياسية الحاكمة منهم قد قررت الخروج إلى العلن وعدم محاولة الاختفاء وراء أصابعها في علاقاتها مع الكيان الصهيوني وأنها قررت المجابهة العسكرية بالتنسيق والتعاون مع هذا الكيان الغاصب. وما التصريحات حول السماح للطائرات الإسرائيلية باستخدام الأجواء السعودية لضرب المنشآت النووية الإيرانية أو الإخبار التي تداولتها في الصحف حول قصف اليمن بقنابل نيترونية من قبل طائرات إسرائيلية رسم عليها العلم السعودي إلا بداية لما قد