اليمن الذي نريد
خالد الصعفاني
.. نظرة أولى على هذه الخريطة الجغرافية الممتدة من حوف إلى ميدي عبر ألفين وخمسمئة كيلومتر مربع من البحر .. وأكثر من ألفي كيلو متر مربع من البر بين شحن في المهرة وحرض في حجة ..
.. ونظرة أخرى اطول على هذا الحضور التاريخي الموغل في القدم عابرا لأكثر من ثلاثة آلاف عام من الحضارة التي غذتها حضارات متنوعة بين وسط اليمن وشماله وجنوبه وشرقه ..
.. ثم نظرة ثالثة أكثر عمقا في مقدرات البلد ومكنونات هذه الأرض الواعدة بالخير زراعيا وبحريا وتعدينيا ثم بشريا ..
.. كلها تشحن الفرد منا للالتفاف حول هذ البلد الذي خصه القران الكريم بالذكر فوصف خيره ووصف أهله , وزاد على ذلك سيد الانام نبينا محمد بوصفه لأهله بالخير واستبشاره بهم واعتبارهم امة حكمة وايمان ..
.. التفاف يجعلنا جميعا نسهم في مهمة بنائه على النحو الذي نريد .. ونسهم في الحفاظ عليه بالشكل اللازم الذي يحفظ عليه استقلاله ويعزز إرادته ويستخرج خيراته بالكم اللازم الذي يدفع بحياة الناس إلى مستويات الكرامة والعدالة التي تناسب اليمنيين والمنشودة منذ عقود عديدة ..
.. بلدنا اليوم في محنة كبيرة واختبار تاريخي محوري .. عدوان بربري من الجارة الكبرى التي جهزت إمكانات مالها وسلاحها وعلاقاتها على العدوان على اليمن أرضا وإنسانا .. وفي المقابل هناك مواجهات مسلحة داخلية أذكت الكثير من “عفونة” الماضي البغيض الذي كنا تخلصنا منه عبر عقود من التعليم والمعرفة والتنمية .. وأضرمت النار مجددا في سموم المجتمع التي كان هجرها منذ أمد .. ووحده الله يعلم آخر جولات هذا العدوان وآخر مطاف استجلاب تلك السموم المميتة على أي مجتمع ..
.. نظرة رابعة سريعة على سيرة الحكومات المتتالية في البلد تكفي للخروج بفكرة انه كان بالإمكان أفضل بألف مرة مما كان .. لعب الفساد المالي والاداري دوره الكارثي في اقتطاع الكثير من خيرات البلد لصالح زمرة من المنتفعين كلهم كانوا سببا في خراب البلد طيلة عقود , وأغلبهم اصبح منذ العام 2011 م سببا مباشرا لتدمير البلد ومقدراته بشكل ممنهج تجسدت أعلى صوره في اسهامهم في العدوان العشري على اليمن وشرعنتهم له مشحونين بالحقد على اشخاص أو تيارات سياسية وكأني بتلك الجوقة المارقة في الرياض لم تعد تر اليمن ولم يعد يعنيها أمره منذ فقدت مصالحها واستبيحت قصورها ..!
أخيرا :
.. اليوم.. أصبح مطلب اليمنيين وطن آمن وقوي .. يتسيد قراره بنفسه .. يستخرج خيراته ويبني الارض والانسان على نحو يقوي اليمن ويجعله يمضي في طريق استعادة ولو مشاهد معدودة من روايات ابداعه القديم وحضاراته السامقة كحال جبال عيبان وردفان ..
.. اليوم .. وقبل الوصول لتلك الغاية النبيلة في بناء وطننا على ارضنا على الجميع لعب الدور اللازم في حلحلة هذه المرحلة الحرجة عبر المزيد من الصبر واستجلاب العقل وبث روح التسامح والنبل والوفاء للأرض التي ترعرعنا فيها وشب فيها كل منا قبل ان يتنكر البعض القليل بدواعي الكره والحقد والفجور في الخصومة , وآخرون بداعي الحب ..!