اللامبالاة

 نبيل نعمان

  اللامبالاة تولد مشاكل كثيرة لأي مجتمع تنال منه وما أن تتحكم فيه حتى تبدأ بغرس انيابها ومثالبها في جسده وتمزقه طولا وعرضا ولا يوقفها عن هذا إلا عمل كبير وصحوة شعبية تعيد الامور الى طبيعتها السوية .
واللامبالاة حسب علم النفس (كما تذكر موسوعة الويكيبيديا) هي حالة وجدانية سلوكية معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شؤون حياته أو حتى الأحداث العامة كالسياسة وإن كان هذا في غير صالحه , مع عدم توفر الإرادة على الفعل وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج”أو هي قمع الاحاسيس مثل الاهتمام والاثارة والتحفز أو الهوى .
  فاللامبالي هو فرد لا يهتم بالنواحي العاطفية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وكذلك قد يبدي الكسل وعدم الحساسية..  وقد يكون هذا التصرف جراء عدم قدرته على حل المشكلات التي تواجهه أو حيرته أمام التحديات. إضافة إلى استخفافه بمشاعر الآخرين أو باهتماماتهم الثانوية كالطموح والآمال والهوايات الفردية أو المشاعر العاطفية المختلفة  .
 العديد من الظواهر السلبية من حولنا تعود جذورها واسبابها الى هذه اللامبالاة .. تبدأ صغيرة فتكبر شيئا فشيئا لتغدو ظاهرة وإذا لم تقرأ بشكل عقلاني وتواجه بإجراءات مدروسة تتحول الى كوارث تستعصي على الحل .
هذه الصفة حاضرة على المستوى الفردي كما هي على المستوى العام وتلقي بظلالها على الفضائين اللذين بدورهما يغذيان كل منهما الآخر ويظلان يدوران في فلك واحد تتعاظم آثارهما باستمرار ومعه يتآكل المجتمع وتطغى عليه السلبية وتكبله من كل قدرة على الحركة والفعل والتفكير حيال كل ما يدور حوله ليصبح في النهاية عدو نفسه تستنزف مقدراته في قضايا جانبية وبطولات زائفة وحروب عبثية .
فعلى المستوى الفردي يساهم الشخص اللامبالي بسلوك أبنائه وتربيتهم وتكوينهم النفسي والعقلي ليشكلوا في المجموع مجتمعا معاقا تضيف اليه المدرسة ووسائط الاتصال والادوات التربوية الأخرى سلبيات متعددة ومتنوعة المزيد من الفعل السلبي حيال الفرد والفضاء العام وهكذا تستحكم دائرة السلبية واللامبالاة .
وكلما برزت محاولات لتوجيه المجتمع بعيدا عن اللامبالاة وجره لتلمس الطريق السوي سرعان ما تختفي تحت وطأة عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية وتربوية متجذرة النزوع نحو السلبية يضاعفها غياب استراتيجية شاملة لبناء المجتمع السليم فضلا عن عوامل خارجية من قبيل ظواهر الاستهلاك والتشييء الذي أفرزته الليبرالية الجديدة واتوت بناره مجتمعات غير منتجة وغارقة في اللامبالاة .
 وعادة ما تتسع وتكبر هذه الظاهرة وغيرها في ظل غياب البحث والدراسة العلمية لها لمعرفة أسبابها وأبعادها ومخاطرها حاضرا ومستقبلا واقتراح الحلول والمعالجات بالنظر اليها من كافة الزوايا .. حتى وان وجدت جهود من هذا النوع فهي تظل محدودة وفردية وتصطدم بعدم وجود أجهزة تستطيع تحويلها الى أدوات عملية وفاعلة .
ولكن الاخطر عندما تتحكم اللامبالاة بالشأن العام عندها يكون الاثر أكثر شمولا وعمقا وإيلاما وتخلف مشاكل كثيرة ومتعددة ومعها يغرق المجتمع في مستنقع الشرور والاثام ولا منقذ له إلا بجرعة سحرية تخرجه من حالة السبات الذي سببته اللامبالاة فيه لأجيال طويلة .. فماذا نحن فاعلون¿.

قد يعجبك ايضا