لحظة يازمن..مجرد أصوات
كانت هكذا.. مجرد أصوات عادية تتلاشى قبل أن تصل إلى جدار الأذن مسألة يومية حياتية تصادفه وتقابله في كل منعطف وركن أصوات الباعة الجوالين والمسنبين هدير السيارات وآلات التنبيه أصوات تأتي من كل الاتجاهات.. من الراديو من التليفزيونات من الميكروفونات السائرة.. والواقفة لبيع الشرائط أصوات المتخاصمين والمتقاضين في الشريعة والشرائع.. والمشاكل والقوانين.
في سيره وجلوسه في صعوده الحافلات ونزوله في ذهابه وأوبته أصوات.. هدرة وهدير.. كلام وحديث… مناقشة وحوار مداخلات وخروجات.. ضوضاء… ووشيش في كل المدارج والمسالك في الشوارع والطرقات.. أصوات وتفحيطات كل تلك الأصوات بتنوعاتها… بكل تدرجاتها من الأعلى صوتا وإلى الأخفض نغمة ونبرة ظلت الأمور عادية.. لا تستدعي وقوفا أو مسألة أو إبداء أي عجب أو استفهام وظل حتى وهو يتأهب في فراشه للنوم تحيط به ضجة الأصوات الصاخبة والهامسة لا تثيرلديه.. أي عجب أو فضول.. كله الأمر لديه مجرد أصوات.. اعتادت الأذن على سماعها إلى حد جعله ينسى ويتجاهل أن له أذانا تسمع لكنه عجب الدنيا والحياة وتقلب الأحوال والأمور.. بدأت أذاناه تصغي وتسمع.. لتدقق وتفرز نوع الأصوات الغريبة التي كانت تصل إلى أسماعه قبل أن يخلد إلى النوم.. أهو هدير يأتي من البعيد أصراخ وضجيج.. أم أنين واستغاثات حاول مرارا أن يتوثق.. من أي اتجاه تأتي إليه تلك الأصوات.. وبمجرد سماعها وهي تصل إلى سمعه يرتعش بدنه كله لا يدري سببا لذلك الارتعاش وكلما حاول أن يقنع النفس ويتحرك وينهض يستطلع ويعرف.. أصر أنها مجرد أصوات وحين اقتربت تلك الأصوات.. ووصلوا إليه.. حاول الصراخ.. يستغيث.. خانه الصوت وهمد.