لغة الحرب أم لغة الحوار

حين تخير الشعوب بين الحوار أو الحرب فإنها بلا مقدمات ولا فلسفات ولا لف ولا دوران ستختار الحوار نعم ستختار الحوار ولو كانت أشد الشعوب قساوة وضراوة وتسلحا وإقداما.
فماذا جرت الحروب للشعوب¿ وهل جرت لها غير الموت والخراب والدمار وهل تركت الحروب في النفوس غير الضغائن والأحقاد وهل جنت منها الشعوب غير الشتات والضياع وهل عانت منها غير الفقر والبؤس والجوع وهل حصدت غير الأرواح وتعالت لكوارثها أصوات البكاء والنواح والعويل فما من حرب إلا وخلفت الأرامل والثكالى والأيتام.
لو دارت رحى الحرب بين الكفر والإيمان لاختلف الناس فيها ولوصفها طرف بالمقدسة وجعلها طرف بالعدوانية والوحشية لأنها حرب وليس للحرب إذا أمكن التعايش سوى وصفين: فإما أن تكون حقا أريد به باطل أو أنها باطل أريد بها حق. فكيف إذا كانت هذه الحرب بين طرفين مسلمين¿ وكيف إذا كانت بين إخوة وأبناء وطن واحد¿
لست ممن يرى في الحرب حلا مهما كانت الخلافات ومهما تعمقت وتعقدت سبلها لأن في العرب والمسلمين من العلماء والحكماء والعقلاء من أرباب السياسة والكياسة ومن أهل الحل والعقد من إذا تدخلوا للصلح بين الخصوم لاستطاعوا الوصول إلى حل مقنع يرضي الجميع تحت قاعدة “لا ضرر ولا ضرار” ولسلمت الأمة من كل المآسي والأخطار وعرفت قيمة الحوار الذي يجمع ولا يفرق ويوحد ولا يمزق.
إن الأخطار التي تهدد الأمة الإسلامية ينبغي أن تكون كفيلة بتعميق روابط الأخوة والمحبة والتآلف والتسامح والتعايش بسلام لنبني ونعمر لنقول للعالم إننا أمة ندين بدين السلام والمحبة والعمل الذي يدعو إلى الحياة والعلم.
ألا يكفي أن العالم ينظر إلينا نظرة ازدراء وينسب إلينا كل سيئات العالم من جهل وقتل وإرهاب. لنكرر على مرأى ومسمع من الخصوم التي تتحرش بنا لنتقاتل ونتفانى فنصبح لقمة سائغة لهم يزدردونها بتلذذ الجائع¿
هل عدم العرب والمسلمون واليمنيون وهم أهل الحكمة والإيمان من العقلاء الذين يحقون الحق ويبطلون الباطل وينيرون الظلمات ويهدون إلى سواء السبيل¿!
إنها دعوة لتضع الحرب أوزارها لنعلم الأجيال إننا أقدر على الوصول إلى الحلول وأن حل العقدة يكون بالصبر في البحث عن طرفيها قبل الاستعجال واللجوء إلى قطعها بالسيف فحاجتنا إلى بقاء حبل الإخاء والمحبة موصولا لأنه عنوان تواصلنا وعروتنا الوثقى التي لا ينبغي أن نفرط فيها ولو اضطررنا إلى تقديم بعض التنازلات إذا كانت في صالح أمننا واستقرارنا وبقائنا مرفوعي الرأس كرام أعزاء.

قد يعجبك ايضا