معاهدة الطائف.. وسياسة التوسع السعودي

ربما يكون الأستاذ عبد القادر باجمال رئيس الوزراء الأسبق والسياسي الفصيح والحصيف شفاه الله من الجلطة التي أصيب بها لم يعد يتذكر معاهدة الطائف بسبب المرض الذي يعانيه لكن الشعب اليمني لم ينس معاهدة الطائف رغم مرور السنوات وحتى بعد تمرير اتفاق جدة الذي اعتبرته السعودية الهدف الاستراتيجي الذي سعت وقدمت الكثير لإنجازه من أجل إنهاء قضايا الحدود مع الجمهورية اليمنية وبالعودة إلى  الأوضاع التي مرت بها اليمن قبل وأثناء التوقيع وما بعده وما صدر عن مجلس الأمن من قرارات كلها تؤكد أن اتفاق جدة كنز السعودية الثمين الذي لطالما تغنت به هو مجرد سراب خادع ولهذا ما يؤكده ويقويه ويسنده  حيث تشير قرارات مجلس الأمن المتعلقة بتطبيع الأوضاع التي ترتبت على حرب صيف 94فقد أشار القرار الصادر عن مجلس الأمن إلى أن القرارات والتصرفات التي تقوم بها الحكومة اليمنية ينبغي أن تكون بالتوافق وهو الأمر الذي لم يحدث عند القيام بخطوات اتفاق جدة وحتى الوصول إلى التوقيع عليه فلم يحدث تشاور أو توافق بين الأحزاب السياسية ولم توجد صيغة توافق تمثل شرعية لاتفاق جدة  فقد سعى حزب المؤتمر الشعبي العام إلى الانفراد بهذا القرار السيادي وساعده في ذلك حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي نظر إلى الاتفاق والتوقيع عليه باعتباره صفقة يتقاسم مردودها مع شريكه في اجتياح الجنوب .
ولمزيد من تطمين الجانب السعودي ذهب المؤتمر والإصلاح إلى مجلس النواب للحصول على موافقة لاتفاق جدة تعطيه مشروعية فقدت في الأطراف التي سعت إليها وغيبها غياب التوافق السياسي بين القوى السياسية في عملية رخيصة تشبه إلى حد كثير وعد بلفور حيث أعطى من لا يملك من لا يستحق مستغلين أغلبية تحسن القراءة والكتابة  يملكها الحزبان في مجلس النواب سمحت لهما بتمرير تلك الصفقة التي حشدت لها الآلة الإعلامية للمؤتمر والإصلاح واستطاعت أن تحولها من خيانة عظمى إلى انجاز تاريخي حيث راحت القوى التقليدية والقبلية ومن يستلمون من اللجنة الخاصة في السلطة والقبيلة والمؤسسة العسكرية ترفع التهاني للقيادة السياسية في البلدين الشقيقين بمناسبة توقيع اتفاق جدة بين البلدين في صفحات الصحف واستضافة الكثير من المنافقين في وسائل الإعلام المختلفة للحديث عن النتائج الايجابية والتاريخية التي سيحققها.
توقيع اتفاق جدة
في حفل توقيع اتفاق جدة قال باجمال أن توقيع اتفاق جدة هو انتقال من الجورة إلى الشراكة أو هكذا تمنى الرجل الذي لا نحمله مسؤولية توقيع اتفاق جدة فلقد كان مجرد أداة استخدمها المؤتمر والإصلاح وكان المكافأة التي استلمها من صالح والإصلاح جرعة سعرية أراد من خلالها معالجة الاقتصاد اليمني المريض وعندما رفضها الناس توارى صالح والإصلاح وتركوا باجمال وحكومته تتحمل المسؤولية والذي شخص واقع نظام صالح بعد ذلك بتلك العبارة التي اشتهر بها والتي قال فيها ((أن من لا يستطيع ان يحقق الثراء في نظام صالح لا يمكن أن يحقق الثراء أبدا))
تذكرت كل ذلك جراء استيقاظي من النوم مفزوعا على أصوات صواريخ وقذائف طائرات عاصفة الحزم بقيادة الجارة العجوز المغيرة على صنعاء .
صنعاء التي لطالما( أكلت أبناءها وربت أبناء الناس ) من اجل امن السعودية منذ الهديان السفير السعودي السابق في صنعاء ومن جاء بعده الذين كانوا بمثابة المندوب السامي إلى جانب الحكومات اليمنية المتعاقبة والتي لم تخط حكومة منها خطوة واحدة دون معرفته وإشرافه باستثناء الحمدي الذي لم يرق لها وذهب في جريمة لا تزال دون عقاب.
صنعاء التي أنهكت نفسها كثيرا وهي تقوم بدور الشرطي اليقظ في حماية أمن المملكة على حساب أمنها وحقوق شعبه أو على حساب أمنها عندما تحولت إلى مكان لرمي نفايات الجارة من ثقافة التطرف والمتطرفين والتي كانت اخطر بكثير من النفايات النووية فوراء كل جريمة إرهابية حدثت في اليمن منذ ولادة ظاهرة الأفغان العرب وحتى الآن شخص أو فتوى أو مال سعودي لدرجة أن من المعالجات الأمنية التي تقوم بها السعودية مع المتطرفين من أبنائها الاتفاق معهم على الذهاب إلى اليمن وممارسة قناعاتهم الدينية خارج حدودها مقابل استمرار تدفق الأموال إلى الجماعات التي ينظمونها في اليمن ويمكن هنا أن نقول أن الطاعون مرض هاجم العالم قديما واستطاع العالم الخلاص منه لكن واقع اليمن يدلل على أننا ندفع وسنظل ثمن قربنا من مملكة الطاعون.
نعود لاتفاق جدة وأكرر ما سبق أن ذكره بعض القانونيين من أنه تم تعطيل ممنهج للدائرة الدستورية في المحكمة العليا في الماضي والتي أعطاها القانون الحق في رفع دعوى بعدم مشروعية اتفاق جدة السيئ السمعة والذي مع حرص الطرفين على عدم ذكر معاهدة الطائف في الاتفاق وكذلك عدم ذكر الحقوق الأخرى التي اشتملت عليها لليمنيين  من اجل طمس ملامح معاهدة الطائف وهي الملامح التي لا تزال حقا ثابتا وأصيلا للشعب اليمني وأن كل ما ترتب على اتفاق جدة من آثار هي آثار غير قانونية بما فيها ال

قد يعجبك ايضا