السعودية وهاجس الخسارة التاريخية: تصفية الحساب!

• على عجل وبناء على ما توفر لدى المؤسستين العسكرية والاستخبارية وما «تيسر» في الأيام الأخيرة قبل العدوان من معطيات حول مراكز حيوية للجيش اليمني وحركة «أنصار الله» قدمها اللواء الفار علي محسن الأحمر الذي يقود غرفة عمليات مشتركة تحت القيادة العسكرية السعودية على الحدود المقابلة لليمن معطيان رئيسيان دفعا القيادة السياسية السعودية إلى تعجيل قرار الحرب:
ــ وصول المفاوضات النووية بين إيران و«5+1» الى نتيجة شبه محسومة تمهيدا لتوقيع اتفاق مبادئ وما سوف ينعكس في هيئة تفاهمات سياسية شاملة على ملفات المنطقة في مرحلة لاحقة.
ــ استكمال الثورة التصحيحية التي انطلقت في 21 أيلول 2014م لمراحل بسط السيطرة على كامل التراب اليمني الأمر الذي يعني تقويضا تاما وشاملا للنفوذ السعودي. بكلمات أخرى خروج اليمن من مجال الهيمنة السعودية التي دامت أكثر من ثمانية عقود من الزمن.
سعوديا تبدو الحسابات العسكرية أو بالأحرى الاستراتيجية غير متطابقة مع السياسية. والأكثر أهمية في الأمر لا المبررات القانونية ولا الشرعية الدولية الفرعية والكلية أي الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي قد منحا السعودية وتحالفها العشري تفويضا بإعلان الحرب على اليمن. وما حصل في حقيقة الأمر هو «تهريبة» فالعدوان السعودي جرى قبل أيام من انعقاد القمة العربية وعليه فإن الإجماع العربي غير متحقق في هذا الأمر. مشهد مناقشة تفويض دولة عربية بالعدوان على دولة عربية أخرى سوف يبدو مستهجنا ومن الأفضل أن يتم في الظلام. أما الشرعية الدولية للعدوان فمعدومة ابتداء لأن الفيتو الروسي والصيني له بالمرصاد.
استعادة الشرعية وقف النفوذ الإيراني القضاء على جماعة الحوثي درء خطر الحرب الأهلية… مبررات تقافزت تباعا على المسرح ليس من بينها ما هو مقنع إلا لجمهور التحالف العشري الذي لا يحتاج الى مزيد إقناع فـ«الغرائزية» المذهبية تتكفل بتحويل أشد المبررات سخفا الى أكثرها رسوخا في العاطفة الشعبية فهو عقل قادر على توليد وبسخاء مفرط مبررات مريحة للعدوان. من عمق هذا الجنوح المنفلت يتم ترتيب «أولويات الأعداء» وتبدو اسرائيل في قائمة الحلفاء بالنسبة لأولئك الذين اختاروا الفصاحة في العلاقة مع قوى الشر. الصحافة الاسرائيلية من جانبها برعت في استدراج تصريحات أولئك الفصحاء وكتبت صحيفة «يديعوت احرونوت» في 27 آذار أن ثمة «سعوديين عبروا عن المصير المشترك مع اسرائيل».
حين تجتمع العقيدة المعلولة بأن اليمن امتياز سعودي مع تضخم هاجس النفوذ الإيراني يصبح العقل المدبر في المملكة السعودية محثوثا بهواجسه وهلوساته. وعليه فإن السعودية ليست بحاجة إلى من يقنعها بجدارة حربها ولكن التاريخ تكفل بإيصالها الى اقتناع تام بأن الهزيمة مؤكدة في حال خوضها هذه الحرب منفردة فتجربة المواجهات مع حركة «أنصار الله» اليمنية في 2009 ألزمت القيادة العسكرية قبل السياسية على تأجيل مرحلة الحرب البرية قدر المستطاع فثمة مقاتلون في المقلب الآخر لا يعرفون سوى السير إلى الأمام في الأرض التي يحاربون عليها. تكتيكات الحروب التقليدية لا تعنيهم طالما أن سواعدهم قادرة على حمل السلاح وبعض الزاد الذي يبقيهم على قيد الحياة.
لقد أدبر الزمن الذي تقود فيه السعودية حربا منفردة فشحنات السلاح بأشكاله المتنوعة والحديثة لا تصنع بطولة وكما يقول الزعيم جمال عبد الناصر لا يمكنك أن تقاتل بيد ترتعش فكيف تصنع بها نصرا. لم يتشرب الجنود السعوديون عقيدة قتالية جديرة بالتضحية والفداء وإن حلول الشخص مكان الوطن والأمة يخلق فرصة لصنع صنم ولكن ليس جيشا باسلا.
في الخلفية ثمة ما يستحق الذكر لفهم دوافع آل سعود إلى العدوان على اليمن. في العشرين من كانون الثاني الماضي أي قبل ثلاثة أيام من موت الملك عبد الله زار وفد من حركة «أنصار الله» الحوثية الرياض والتقى مسؤولين في الحكومة السعودية. كانت رسالة الوفد واضحة وتتلخص في طمأنة المملكة السعودية وكل دول الجوار حيال الثورة اليمنية وأنها تتمسك بمبادئ حسن الجوار والتعاون المشترك من أجل خير الجميع.
كان الجواب السعودي محددا وحاسما:
ـ قطع العلاقة مع إيران
ـ تسليم السلاح للدولة الممثلة برئيسها المستقيل عبد ربه منصور هادي.
نسخة طبق الأصل للمطالب السعودية في لبنان وغزة كما يعبر عنها حلفاؤها في 14 آذار أو حكومة رام الله أو إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي عموما. على أي حال عاد وفد أنصار الله الى اليمن بانتظار ترجمة الموقف السعودي على الأرض وهذا ما حصل. بدأت السعودية بنقل سفارتها من صنعاء الى عدن وتبعتها بقية السفارات الخليجية بالتزامن مع تحركات دولية متوالية بما في ذلك الدور المن

قد يعجبك ايضا