الثأر السياسي.!!

مسلسل الاغتيالات المتتالية في بلادنا حالة منفرة ومقلقة بكل المقاييس, وليس سكان هذه الرقعة من الأرض وحدهم من يستنكر أعمال وجرائم هي في غاية البشاعة بل وكل مخلوق وكائن, وحتى الجماد الذي لا قلب له سيدين سفك الدماء, وترويع السكينة العامة ..الألم الذي ترتفع نسبته عقب كل – عملية اغتيال- دون أن يعيره أحد أي جانب من الاهتمام والمراعاة الإنسانية هو ذلك السؤال الذي يبقى في رفقتنا طوال الشعور بذنب البراءة حتى تحين لحظة النسيان بعد انهاك فكري وجسدي, والسؤال: لماذا¿!
أي لماذا نصر على سفك الدماء في ارضنا الطيبة¿! .. وما الذي يجني منها¿!.
مكثنا سنوات في عملية – الإرشاد , والتلقين – للحد من تفشي ظاهرة “الثأر” في أوساطنا كأبناء مجتمع واع يجب أن تكون روح الإخاء, والمحبة, والتسامح هي لغته الأولى, وبدأ الناس يتجهون إلى الشرع لتظل أياديهم بيضاء كحمامة السلام . لكن – الثأر السياسي- يتضح لنا بأنه الواقع الأخطر. ربما لأنه مجهول الهوية, ويزداد عنادا حسب الأحقاد الشخصية, وما يعتقد بأن أهدافا قد تتحقق على خلفية هذا النوع من اغتيال الرموز الوطنية والإنسانية دون الإدراك بأن أية نتيجة تكمن خلف هذه الخطوات اللاإنسانية ستكون سلبية بمختلف الأحوال..
أجزم القول على أن مساعي الحد من هذه الظاهرة المقيتة لا يتجاوز حدود الرضوخ امام هلع الجريمة نفسها, والقبول بوضع هو الأكثر سوءا ليس فقط من الناحية – الاقتصادية, والأمنية- بل ومن الناحية الأكثر ألما وهي – الدماء المسالة- والتي منها يكاد العقل أن يفارق الجسد لهولها وتفاهة السبب.
فلمجرد إغاضة طرف أو جماعة تقدم نفس بشرية يقول عن فعلها رسولنا الأعظم – صلى الله عليه وسلم: (بأن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من إراقة دم مسلم) ..وهي تقدم كبش فداء من أجل أغراض سياسية كانت السبب في وصولنا إلى هذا الحطيط القيمي, والأخلاقي !!
تشعرك هذه الجرائم بسهولة الأمر لدى تلك الأيادي التي بالفعل تمكنت المطامع الدنيوية من جعلها تنسى تماما العواقب الإلهية الوخيمة, وأن الحياة الدنيا بكل مقتنياتها وصراعها ماهي إلا “لهو” , وأن الآخرة هي دار البقاء..
غير معقول وصولنا إلى مرحلة تواجه فيها الكلمة بالبارود! أو يكون فيها البسطاء من أهل الفكر لقمة سهلة للنيل من آخرين يصعب الوصول اليهم..
الصحفي عبدالكريم الخيواني لم ينهب أرض أحد! .. وأيضا لم يقتل أحدا! فما هي حجة قتلة بعد هذا الترصد¿! وغيره ممن سبقوه الشهادة لماذا لانجد لمرتكبي هذه الجرائم أثرا¿! لماذا يصر أبناء شعبنا على البقاء في حكم المتفرج¿! حتى يتمكن الشر من بث الخوف والرعب, والقلق النفسي داخل رجفات قلوبهم, وخيال أطفالهم¿! ما نعرفه أن الصراع السياسي لا يتجاوز حدود شبكة الفكر .. فلماذا سيتحول في بلادنا إلى ثأر يستنزف الدماء, ويدمر المنظومة البيئية, والإنسانية, معا¿!

قد يعجبك ايضا