أحداث عدن.. ومخاطر التقسيم والتشظي
ما تعيشه اليمن وشعبها من اختلافات وخلافات وصراعات وحروب وأزمات وفساد جعلت أبناءه على مدار أكثر من نصف قرن وحتى اليوم ينطبق على وقع حالهم بيت الشعر مع بعض التصرف .. كلما قلنا عساها تنجلي .. قالت القوى السياسية التقليدية المتنفذة المهيمنة والمسيطرة الفاسدة .. والحداثية التابع لها المنغمسة في توهمات الرهانات المتناقضة والفاشلة العدمية المدمرة هذا مبتداها.
طبعا حتى لا أفهم خطأ لعدم إشارتي للقوى الشابة علي ابو التي هي بمعنى جزء في خلفياتها أيضا قديمة وتقليدية سيما من حيث الشكل لا المضمون الذي في الكثير من جوانبه ثوري تغيري متجاوزا لأطروحات ما يطلق عليها مجازا القوى المدنية الحداثية على أطيافها واتجاهاتها السياسية والقومية واليسارية واللبرالية والتي لم يتىبق من التميز في مواقفها التي كما هو مفترض تعكس تباين واختلاف رؤاها وتصورتها الفكرية والثقافية كممثلة لقوى اجتماعية إلا الاسم بعد أن تماهت في لون واحد متداخل في خليط تحالفي تمازج خطابه السياسي والإعلامي إلى حد غياب الفروقات في الأفكار والرؤى والمواقف حتى تجاه قضايا لطالما كانت مثار خلاف تاريخي عميق لاسيما في المجال الاجتماعي بين اليسار واليمن..بين الاشتراكي و(الإصلاحي) أو جماعة والإسلام السياسي الإخواني والسلفي والقومي فالكل يمارس السياسة بنفعية وانتهازية منحطة.
لذلك جميعها يفتقر للمشروع الفكري السياسي الاقتصادي الحضاري التغيري الإيجابي الأخلاقي الوطني والإنساني المعبر عن السواد الأعظم من اليمنيين.
هذه حقيقة تؤكدها خياراتها التقسيمية التمزيقة العدمية المدمرة بتجلياتها العنفية الصراعية الإرهابية الشنيعة والبشعة.
وهي لا تستفيد ولا تتعلم من مأسي غير مسبوقة ولم يشهد لها التاريخ مثيلا في أكثر من بلد وشعب عربي أو لا تريد عن وعي ومعرفة مبنية على مصالح لا علاقة لها بالأوطان والشعوب بل مرتبطة بالمشاريع الخاريجية لقوى إقليمية ودولية.
تكرار تحالفات مشبوهة ومجربة في العراق وسوريا وليبيا وقبلهما يوغسلافيا وأفغانستان والصومال وبلدان أفريقية وآسيوية أخرى.
الأسوأ في هذا كله أن المشترك بين مآسي هذه الشعوب أن الجميع ضحايا لسيناريوهات متعددة مخرجها واحد هو التحالف الدولي الغربي الأمريكي الأوروبي والمحور والإقليمي المرتبط وظيفيا كتابع بهذه المشاريع وملتزم لهذا الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت وما زالت من مطلع عقد القرن الماضي الأخير وحتى اليوم إلى اللعب على تناقضات التخلف العصبوى الديني المذهبي والطائفي..المناطقي والقبلي والعشائري.
نعود إلى اليمن والحراك التغييري ????م المتآمر على جانبه الشبابي الشعبي الثوري التغيري الإيجابي من الأطراف الداخلية في السلطة التي طفت خصوماتها على سطح الوضع السياسي قبل سنوات من موجة ما سمي بالربيع العربي ليركبها الطرف الذي وجد فرصته لإزاحة خصمه وإعادة الحراك الشبابي الشعبي السلمي إلى مربع الأزمة ولكن بعد تغير موازين القوى لصالح الجناح الأضعف في النظام لتعود الأزمة ولكن بموازين قوى جديدة أجبر طرفاها إلى الاحتكام لمجلس التعاون الخليجي وبعد مخاض عسير نجح مدعوما من المجتمع الدولي.
وكانت المبادرة الخليجية التي رحب بها الشعب اليمني متصورا إنها المخرج والحل المقبول الذي سيضع حدا لألمه ومعاناته وتجنبه ويلات الاحتراب الداخلي الذي ستشعله أطراف السلطة المتصارعة.. تحدوه الآمال في تحقيق تطلعاته.
ولو بالحد الأدنى غير مدرك بوعيه العفوي نوايا الأطراف الداخلية والأجندة الخارجية المراد فرضها عليه عبر المبادرة الخليجية ولعل الواقع المازوم بانقسامات جغرافية واجتماعية وسياسية قد عمق الشرخ بين اليمنيين “شمالا وجنوبا” الذي نشأ نتيحة حرب صيف ??م لتتوسع وتتقاطع خطوط شقوقه أفقيا ورأسيا لتنتهي الأمور بوضع اليمن على طريق التقسيم المتشظي إلى دويلات ولكيانات قزمية متناحرة والمؤشر الأهم والأوضح هو توجه أخذ اليمن واليمنيين إلى مسار العاصمتين والشرعيتين والبقية يتكفل بها (السياسيون الإسلاميون القوميون اللبراليون اليساريون الوطنيون الوحدويون جدا..جدا) والأيام إن بقي تمترس صراعات وحروب وأزمات تحالفات قوى المصالح غير المشروعة والرهانات المشبوهة على الخارج الإقليمي والدولي .. وما جرى في عدن ليس إلا نقطة تحولها من مدينة إعلان وحدة الدولة اليمنية الشطرية إلى الانفصال والتقسيم والتشظي¿!