ن ………….والقلم (( الخامري للبطاريات ))
عبدالرحمن بجاش
ليس بالضرورة أن يكون الإنسان جامعيا ليكون ناجحا , وليس شرطا أن يكون – كما أشترط أحدهم – مؤلف كتاب ما حامل درجة دكتوراة !!! , فالموهبة , والإصرار , والإرادة , أحد أسرار السماء , كالجوهرة في عمق الإنسان , اما أن يكتشفها بحكمته , أو يراها غيره بفراسته , فيصقلها صاحبها في الحالة الأولى , ويساعد الآخر صاحبها في فركها لتبدو جميلة بهية للناظرين في الحالة الثانية !! , بعضهم يدري كيف يستفيد من ملكاته , وكثيرون يتحولون إلى آلات صدئه تنتج الكآبة , والإحباط , فيعجز المرء عن الوصول إلى اللقمة النظيفة , تراه يلهث طوال حياته بلا جدوى !! , والبعض الآخر هم الحالمون بحياة أفضل تقوم على الكد والتعب , وبذل جهد دائم لا يتوقف , هذا النوع من البشر يصنع حياة , أما الكسالى الخاملين فيدمرون كل نبتة صالحة للحياة بغبائهم المفرط , أو جموحهم المؤدي إلى دهس كل النباتات بقدمين غليظتين , يظن صاحبهما أنه ينظف حولها من الحشائش الضارة , بينما قدميه الجلفتين تقتلان النماء , بل الحياة . سيف الخامري أحد أصحاب الإرادة القوية , خريج جامعة الحياة , عرف كيف يسوسها , ويطوع اللحظة لتشييد العمر . لمن يعرف صنعاء جيدا من يوم أن كانت شارع الزبيري – علي عبدالمغني و(( قوارح الدانات )) فلا يمكن أن يفوته (( الخامري للبطاريات )) أو كما تداولتها الأفواه الصنعانية بمحبة (( عمي سيف )) , وأنا كنت أحييه دائما رحمه الله بـ (( خالي سيف )) , الخامري لو سألت صنعاء عنه , لقالت لك على الفور : هو أحد عشاقي , قدم إلي في الستينيات , وفي عمارة اليافعي بشارع الزبيري , مدخل العرضي , أو الشرطة العسكرية , أو الدفاع الوطني , أستقر في تلك الفتحات بجانب بوفية سعيد الصلوي في الركن , من أكمل مهمته في صناعة الحياة وذهب , عندما لم يقدر على الإيجار !! , لكنه كان – الصلوي – قد طبع المكان بطابعة سنوات طويلة (( شاهي سندوتش )) بوفيهات هي من اختصاص (( الصلاوية )) المناضلين في الحياة !! , الخال أو العم سيف الخامري بدأ مساعد مهندس ميكانيك في الشيخ عثمان بعدن , التي هبط اليها من الاخمور عن طريق المصلى والمفاليس كما هبط أبناء الحجرية إلى عدن قبلة الرزق وبيت البحر !! , كان ذلك في الخمسينيات , ليذهب إلى تعز ببابوره الروسي في العام 65 يشتغل به بين تعز والحديدة , ويعود إلى عدن مشاركا في حرب التحريرالى ما بعد الاستقبال , ليغادرها إلى صنعاء ويؤسس (( الخامري للبطاريات )) لتتحول إلى أحد عناوين صنعاء , قل عناوين الاصرار , والإرادة التي تنحت الصخر وراء الرزق , وإلى اللحظة بعد وفاته بعد حوالي شهر ونصف , وأنا لم أعلم إلا قبل أيام , إذ انقطعت عن الذهاب , إلى ما قبل حوالي أسبوع فعلمت أنه غادر الدنيا , مثل هؤلاء الرجال يغادرونها بفخر , بعد أن يكونوا قد حققوا ذاتهم , في هذه البلاد للاسف الشديد لا يسجل أحدا سيرة الخامري وأمثاله من خلطوا الجهد بالعرق باللقمة الشريفة , بجهد نبيل يقوم على العمل كقيمة أخلاقية , ترى أثر الخامري في محلات (( الاخمور للبطاريات )) تملأ الشوارع قصة مجد شخصية للعرق وفي من ربهم من عبدالالاه أخيه إلى كل الاخمور في شوارع صنعاء يكدون ويتعبون ويأكلون لقمتهم بشرف أقدامهم أنظف من وجه مليون فاسد , رحمك الله يا خال سيف ……..ولي كل الحزن أنني لم أودعك , فاقبل اعتذاري