ماذا يريد الشعب في المرحلة القادمة¿ 4-3
جمال عبدالحميد عبدالمغني
كثيرة هي الإرادات الشعبية والمطالب المشروعة ولكننا سنركز على الملح منها باعتبارنا شعبا كريما ويقنع بالقليل والضروري فقط.
وكما تحدثنا عن العدل كضرورة ليس للشعب فقط ولكن للحكام أنفسهم لأن العدل أساس الحكم وبدونه يستحيل استمرار أي نظام حكم فترة طويلة من الزمن واليوم سنتحدث عن مطلب هام جدا وهو إصلاح الخلل الاقتصادي المزمن والذي لا يمكن إصلاحه دون القضاء على منظومة الفساد برمتها أو حتى الشروع بذلك بكل حزم وعزم وبدون أي تساهل أو تسويف أو مماطلة أو القبول بما يطرحه البعض بإيحاء مباشر أو غير مباشر من منظومات الفساد العتيقة من أن المشكل الأمني والخلافات السياسية يجب أن تعطى الأولوية وترحيل عملية مكافحة الفساد إلى مرحلة قادمة عندما تستقر الأوضاع ولمثل من يطرحون ويسوقون مثل هذه الأفكار الشريرة نقول أنتم مخطئون لأن المشاكل الأمنية وغيرها بحاجة إلى المال ولن يتوفر المال اللازم لإجراء كل الإصلاحات وتصحيح كل الاختلالات إلا إذا تم التركيز على الجانب الاقتصادي والبحث عن موارد الدولة الحقيقية التي تلتهمها منظومات الفساد الرهيبة في كل مفاصل الدولة وفي كل شركات القطاع الخاص وبالذات العملاقة منها وكذلك في مؤسسات القطاع العام والمختلط (وإن كان الفساد في مؤسسات القطاع العام والمختلط أقل من القطاع الخاص طبقا للأرقام والمؤشرات الاحصائية) لكن العلامة الواضحة والمميزة أن الفساد موجود في كل مرفق والجميع معترف بذلك حتى الفاسدون أنفسهم.فعلى سبيل المثال ينهب أو يسرق كبار تجار اليمن ما يتراوح بين 80-90% من ضريبة أرباحهم ومن ضريبة المبيعات التي يدفعها كلها المواطن إلى خزائنهم وليس لهم أي فضل فيها لكنهم يخونون الأمانة فيسرقون 90 % منها ويسددون لخزينة الدولة الفتات من ذلك 20-10 % في أحسن الأحوال طبعا يرتكبون تلك الجرام وهم يعلمون علم اليقين أنه لا أحد قادر على محاسبتهم أو محاكمتهم خصوصا بعد القوانين الضريبية الأخيرة والتي صاغها التجار سرا واصدرتها مصلحة الضرائب جهرا نهاية 2010م بعد أن قام التجار بنزع مخالب القانون رقم 31 لسنة 1991م وتعديلاته واستبداله بالقانون رقم 17 لسنة 2010م الذي بكل أسف يضع حواجز فولاذية عملاقة امام كشف عمليات التهرب الضريبي ويحول الكوادر الضريبية إلى خدام مطيعين لكبار التجار .. وقد كتبت عن تلك الجرائم القانونية أكثر من 20 مقالا مطولا في عام 2012م وحظيت تلك الكتابات القانونية بنقاشات واسعة من قبل المختصين والأكاديميين وكانت تلك الكتابات تصدر في صحيفة (الثورة) الغراء وتعيد نشرها بعض الصحف والمواقع .. ورغم قناعة قيادات المصلحة السابقين بضرورة تعديلها واستيعاب تلك الملاحظات طبعا بعد ثلاث سنوات من التطبيق إلا أن شيئا من ذلك لم يتم إلى الآن للأسف ربما لأن البلد منذ ذلك الوقت وقبله يعيش في ظل ما يسمى بـ(اللادولة) ولذلك فالشعب يريد في المرحلة القادمة البحث عن موارده الضائعة حتى يستطيع أن يعيش بكرامة .. والأمر بسيط للغاية تطبيق حد السرقة على الصغير والكبير وتطبيق أقصى العقوبات التي تتخذها الأنظمة الغربية المتقدمة ضد المتهربين الضريبيين .. ألم يقل رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم (لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها .. وللحديث بقية.