اليمن بين التحدي والطموح
عبدالسلام الحربي

مقال
من المعلوم أن الشعوب التي تطالب بالتغيير أو بإحداث العملية الديمقراطية دائما ما يأتي نتيجة لممارسات أو جوانب قصور أو عدم تحقيق بعض المطالب والخدمات العامة التي يحتاجها أبناء الشعوب أو عندما يتجاوز الظلم والإقصاء حدوده وتصبح الحياة لا تطاق.. أو عندما تزداد المظالم والانتهاكات للحقوق والحريات العامة للناس أو تمارس الضغوط في إبداء حرية التعبير من قبل السلطة والحكومة فحينها تشتعل فتيل الثورة والمطالب لكل أبناء الشعوب والتي تعتبر حقا من الحقوق الوطنية العامة وهي من تختار مصادر أوطانها والسير وفق منظومة تكاملية وتبادلية وديمقراطية.. تسعى من خلالها كل القوى الوطنية والتيارات السياسية والحزبية إلى وضع البرامج والأهداف التي تتطلبها المرحلة الجديدة والغايات والمطالب التي ينشدها الجميع من أبناء الشعوب في بناء الوطن الجديد والدولة المدنية الحديثة التي يتطلع إليها الجميع في تحقيق كل ما يصبو إليه أبناء الوطن من البناء والتنمية والنهوض الحضاري المتطور والمزدهر في مختلف الأصعدة والمرافق والخدمات الوطنية العامة.
وكما نعرف جميعا أن خروج الشباب وكل شرائح مجتمعنا اليمني إلى الساحات والميادين العامة في العواصم والمحافظات اليمنية للمطالبة بالتغيير وإحداث العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة في بلادنا ولأول مرة في تاريخ العملية الديمقراطية والسياسية في بلادنا كانت نتيجة لتلك العوامل والممارسات التي أنتجتها سياسة السلطة والحكم في البلاد وعدم تحقيق مطالب الشعب في الحرية والحقوق والواجبات وحرية الرأي والتعبير وإتاحة المجال للحصول على الوظيفة العامة واستيعاب مخرجات التعليم للشباب حسب التخصصات والمؤهلات في السلك المدني والإداري للدولة باعتبار ذلك حقا مكفولا لكل مواطن وكذا عدم قيام الدولة بامتصاص نسبة البطالة والفقر في أوساط الشباب وإيجاد فرص عمل للأيدي العاملة العاطلة عن العمل.
وبعد أن بدأت عجلة التغيير في بلادنا والذي جاء بعد أن شهدت بلادنا أزمة سياسية ألقت بظلالها على كافة مناحي الحياة العامة وخلفت أحداثا وتداعيات وظروفا أمنية واقتصادية صعبة وانقساما وتعصبا سياسيا وحزبيا بين شرائح المجتمع وفي صفوف القوات المسلحة والأمن التي من المفترض أن تكون مؤسسة دفاعية محايدة ولاؤها وانتماؤها للوطن وليس لأحزاب ومنظمات سياسية وولاءات قيادية عسكرية.. وفق المساعي والمبادرات المحلية والعربية والاقليمية والدولية التي جاءت من أجل أمن واستقرار بلادنا والخروج من تلك الأزمة التي مرت بها بلادنا عام 2011م والتي مثلت خارطة طريق لكل أطراف العمل السياسي والمخرج الآمن لأبناء شعبنا في تحقيق مطالبهم في يمن جديد ودولة مدنية حديثة تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة والحكم الرشيد والبناء والتنمية والنهوض الحضاري المتطور والمزدهر في جميع المجالات والمرافق والخدمات الوطنية العامة في كل أرجاء الوطن اليمني.
إلا أن ما رافق ذلك الإنجاز الديمقراطي لأبناء شعبنا من تحديات ومراهنات وتدخلات خلال السنوات القليلة الماضية من عمر المرحلة الانتقالية الجديدة أفضت إلى عدم تحقيق أي بوادر ملموسة للتغيير على أرض الواقع اليمني المعاش.. وأدخل الوطن والشعب في مناكفات سياسية وحزبية ومذهبية وطائفية ومواجهات هنا وهناك وقتل للأبرياء من أبناء الشعب من قبل العناصر الإرهابية والإجرامية في تنظيم القاعدة مستغلة الظروف الأمنية التي تمر بها بلادنا للتوسع في أعمالها الإجرامية في معظم العواصم والمحافظات اليمنية بين الحين والآخر عبر التفجيرات الجماعية والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة.. أدى إلى خلق حالة من الرعب والقلق في أوساط الناس وواقع يومي ينذر بأزمة اقتصادية ومناكفات سياسية وحزبية بين مختلف القوى السياسية والحزبية وأطراف الشراكة الوطنية قد ينشب فتيل واقعها والحرب من أجل البقاء.. وأدخل البلاد في فراغ سياسي وحكومي لأول مرة في بلادنا.
ومن كل ما تقدم فإن ما يعتصر داخل الوطن في الوقت الراهن وأيامه الحالية التي تنذر بالعديد من المفاجآت والمستجدات والأحداث.. يستوجب من كل أبناء شعبنا وكل القوى الوطنية والسياسية والحزبية الوقوف صفا واحدا أمام هذه الظروف والتداعيات التي تشهدها بلادنا هذه الأيام ومواجهة التحديات التي تكاد تعصف بالوطن والشعب والتي لا سمح الله واستمرت الأوضاع كما هي عليه لن تستثني أحدا من أبناء شعبنا اليمني العظيم.