مدينة الدراجات النارية

يكتبها: علي أحمد بارجاء

 - 
علاقة حضرموت بالدراجات النارية تعود إلى ستينيات القرن الماضي في مدينة سيئون كان التاجر سالم أبوبكر بارجاء هو وكيل دراجات (ياماها) والتاجر أحمد وأخوه عمر آل

علاقة حضرموت بالدراجات النارية تعود إلى ستينيات القرن الماضي في مدينة سيئون كان التاجر سالم أبوبكر بارجاء هو وكيل دراجات (ياماها) والتاجر أحمد وأخوه عمر آل فلهوم هما وكيلا دراجات (سوزوكي) وهاتان الماركتان هما أشهر الماركات اليابانية المستخدمة في حضرموت حتى عهد قريب فهما أكثر قوة وصلابة وملاءمة لظروف حضرموت الجغرافية والمناخية وأكثر تحملا للمسافات الطويلة والطرق الوعرة إضافة إلى بساطة قيادتهما وسهولة التنقل بهما.
كانت الدراجات النارية ولا تزال أهم وأكثر وسائل المواصلات التي يعتمد عليها أهل حضرموت وبخاصة في مدن الوادي وفيها فقط لا تجد المرأة حرجا من ركوب الدراجة النارية خلف محارمها من الذكور ويتقبل المجتمع هذا بشكل طبيعي حتى صار عادة لم يجرؤ أحد على انتقادها وبخاصة في موجة التحريم التي طالت كل شيء في حياتنا مؤخرا ويعود انتشار واستخدام الدراجات بهذه الكثرة إلى تأثر حضرموت بدول جنوب شرق آسيا التي هاجروا إليها ونقلوا منها كثيرا من عادات أهلها حتى في الطعام والأزياء والعمران.
لا يخلو بيت في حضرموت من دراجة نارية بل قد يكون لكل ذكر دراجة شخصية فالحضرمي حريص أن يكون له وسيلة مواصلاته الخاصة به لا ينافسه عليها غيره أو يشاركه في استخدامها لتكون تحت تصرفه متى شاء ولا يحبذ استخدام سيارات الأجرة التي تحد من حريته واستقلاله ولهذه الأسباب نفسها يحبذ أن يكون له بيت مستقل ولا يلجأ إلى الاستئجار.
انتشار استخدام الدراجات النارية في وادي حضرموت صار من المميزات العصرية التي يشتهر بها وكان ينبغي أن يكون الوادي أكثر منطقة عربية يستخدم أهلها الدراجات واستحق بذلك الدخول إلى موسوعة غينيس ولو اجتمعت كل الدراجات في موكب واحد لكانت مهرجانا عظيما ولقدمت عرضا غير مسبوق.
لفت كثرة الدراجات النارية في الوادي أنظار السياح والزوار وقبل الوحدة بسنوات زار سيئون المستشرق الروسي البروفيسور ميخائيل روديونوف وهو بصدد جمع مادة كتابه (عادات وتقاليد حضرموت الغربية) وقد لفتت نظره هذه الدراجات في سيئون فكتب قصيدة ترجمها بعد ذلك الدكتور عبدالعزيز بن عقيل وفي هذه القصيدة أطلق على سيئون بأنها (مدينة الدراجات النارية).
اليوم ازداد عدد هذه الدراجات أضعافا كثيرة وظلت الوسيلة الأكثر استخداما فهل يأتي من يقرر منع استخدام الدراجات النارية لأن مجموعة من القتلة الخارجين على الدين والقانون استخدموها للقتل والاغتيال!¿
أبهذه البساطة يمكن أن يفكر مسؤول ما منع استخدام أهم وسيلة يستخدمها المجتمع بكامله لأن الدولة غير قادرة على ضبط هؤلاء القتلة وإلقاء القبض عليهم ¿!
أبهذه البساطة يمكن أن تنسف عهود من استخدام الدراجات حتى أصبح بينها وبين مستخدميها ألفة لا يمكن أن تنقطع أو تنتهي في يوم من الأيام.
صحيح أن قرارا كهذا كان سيصدر ولكنه علق ربما لأن من سيصدره عرف مؤخرا أنه قرار خاطئ وغير مناسب ولكن نخشى أن يتهور هؤلاء فيعودون لإصدار هذا القرار وهو أمر يمكن حدوثه في بلد العاجزين عن القضاء على ظاهرة الاغتيالات. لذا نقول لمن يفكر في ذلك: ابحثوا عمن تريدون بعيدا عنا ودعونا في عشقنا للدراجات النارية سادرين نروي للعالم حضارية استخدامنا لهذه الوسيلة التي أصبحت جزءا رئيسا في حياتنا لا يمكن التخلي عنه.

قد يعجبك ايضا