وسلطة المحليات أحد التحديات

يونس الحكيم

مقال


 - البعض يفرط في التفاؤل بإمكانية إنجاز الحكومة  كل المهام الموكلة إليها  وعلى وجه السرعة وينسى أنها لا تستطيع عمل شيء بمفردها فمؤسسات الدولة شبه مشلولة والحكومة بحاجة إلى تسوية الملعب قبل خوض أي لقاء  فهناك عائق كبير
البعض يفرط في التفاؤل بإمكانية إنجاز الحكومة كل المهام الموكلة إليها وعلى وجه السرعة وينسى أنها لا تستطيع عمل شيء بمفردها فمؤسسات الدولة شبه مشلولة والحكومة بحاجة إلى تسوية الملعب قبل خوض أي لقاء فهناك عائق كبير أمامها قد يغفله البعض والمتمثل بسلطة المحليات ففي العام 2001م انتقلنا إلى الحكم المحلي وأجرينا أول انتخابات محلية وكان الغرض منها تجربة الحكم المحلي لمدة عامين وقمنا بالتمديد لتلك المجالس لمدة ثلاث سنوات! دون أي تقييم لتلك التجربة أو لذلك التمديد!.
حيث تم إصدار قانون السلطة المحلية رقم 16لسنة 2000م وأوكلنا للسلطة المحلية صلاحية السلطة المركزية في المتابعة والتنفيذ والرقابة وكان بالإمكان أن يعود هذا بالنفع على المواطن لكن ما حصل كان العكس فازدادت معه معاناة المواطنين وتدهورت أوضاعهم المعيشية ولجأت الحكومة إلى سياسة الإصلاحات السعرية وفرض الجرع تلو الجرع والسبب يعود إلى إخفاق الحكم المحلي بسبب أن الصلاحيات الكاملة لم تنتقل إلى المحليات إلا فيما ندر وكذا استئثار السلطات المركزية إذا صح التعبير بالاعتمادات والنفقات التشغيلية الهائلة مقارنة بما يحصل عليه المكتب التنفيذي لتلك الجهة في المحافظة فمثلا يصل إجمالي مبلغ النفقات التشغيلية في وزارة الصحة العامة والسكان إلى أكثر من 12 مليارا سنويا أي بمعدل مليار ريال شهريا بينما لا تتجاوز النفقات التشغيلية لمكتب الصحة بالأمانة 12 مليونا سنويا أي معدل مليون ريال شهريا وهذا المبلغ شامل الصيانة والتحسينات وصيانة الآلات والمعدات والقرطاسية بمعنى أن أكثر من نصف هذا الاعتماد يصرف في هذا الشأن وهذا يعني أن اعتماد مكتب الصحة %1 من اعتماد الوزارة ولو عدنا للمهام والمسؤولية لوجدنا أن المكتب هو من يقوم بجميع الأعمال من رقابة ومتابعة وتنفيذ فإذا ما ذهب شخص ما إلى الوزارة لطلب توفير احتياج ما فإن الوزارة ترد بأن المكتب في المحافظة الفلانية هو المعني! وأن دور الوزارة هو الإشراف فقط!! فبالله عليكم كيف يستطيع المكتب هذا أو غيره من المكاتب التنفيذية لبقية الوزارات القيام بواجبه في ظل شحة تلك النفقات والتي لا تتعدى %1 من اعتماد الوزارة وبند المكافآت والأجور الإضافية للمكتب لا تتعدى الثلاثمائة ألف ريال شهريا لأكثر من خمسمائة موظف!! بينما هذا البند في الوزارة بعشرات الملايين!! فلماذا لا يتم إعادة النظر في توزيع الاعتمادات كأن يستقطع مثلا مبلغ أربعة مليارات أو أكثر ويتم توزيعه إلى مكاتب الصحة في جميع المحافظات والمديريات طالما وجميع الأعمال مناطة به وبالتالي سيشهد القطاع الصحي تحسنا كبيرا في الأداء وتقديم الخدمات أتمنى أن يتحقق هذا وخاصة أنه لا يكلف الدولة أعباء إضافية أو اعتمادات جديدة.
وبالتالي كانت تلك إحدى النقاط الرئيسية لإخفاق الحكم المحلي وكانت المجالس المحلية تدرك هذا لكنها “كعزب الويل يفرح بالتهمة” فالأمر الأهم بالنسبة لها كيف تحكم قبضتها على المكاتب التنفيذية بما لها من اعتمادات! واعتمدت أسلوبا خاطئا في فرض وجباية رسوم وأعباء إضافية والمواطن يدرك هذا منذ قيام المجالس المحلية.
لكن وبعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد في مطلع العام 2011م ومجيء حكومة الوفاق الوطني تغير الأمر كثيرا وبدأنا نعود إلى الحكم المركزي بدليل أننا عولنا على الحكومة المركزية فعل الشيء الكثير وهذا أيضا لم يتحقق لوجود نفس المعظلة التي أشرنا إليها سابقا في (عدم التوزيع العادل للنفقات بين الوزارة والمكاتب التنفيذية التابعة) هذا من ناحية ولأن قانون السلطة المحلية مازال قائما ويمثل عائقا وتحديا كبيرا أمام الحكومة الحالية من ناحية أخرى.
وقد رأينا حجم الصراع الدائر بين بعض الوزراء وبعض المجالس المحلية في المحافظات وخاصة في مسالة التعيينات حيث كانت أغلب المجالس المحلية في بعض المحافظات تعترض وبشدة على القرارات الصادرة من السلطة المركزية الأمر الذي أثر سلبا على أداء الحكومة والذي كان من المفترض على الحكومة السابقة اتخاذ قرارات شجاعة بحل تلك المجالس المحلية ليس لأن فترتها انتهت في 2013/9/20م فحسب بل لأن الوضع العام يستدعي وجود حكومة مركزية قوية وهذا لن يتأتى إلا إذا أقدمت الحكومة الحالية مثلا على تجميد العمل بقانون السلطة المحلية وإسناد عملها لمحافظي المحافظات ومدراء المديريات وللمكاتب التنفيذية التابعة في المحافظة أو المديرية مع ضرورة إعادة النظر في اعتمادات الوزارات والمكاتب التنفيذية كما أسلفت سابقا وهذا بالطبع سينعكس إيجابا على الحياة العامة للمواطنين في توف

قد يعجبك ايضا