حقوق الإنسان.. معركتنا !!

عبد الحليم سيف

 - * كنت أقف أمام بريد حدة منتظرا " الدباب " وبجانبي طفل يحمل بندقية  وصدره مثقل بجعب الرصاص   ركبنا معا في اتجاه واحد  تحادثت معه  وجرني مظهره إلى مسألة " أطفال الكلاشنكوف" فسألته
* كنت أقف أمام بريد حدة منتظرا ” الدباب ” وبجانبي طفل يحمل بندقية وصدره مثقل بجعب الرصاص ركبنا معا في اتجاه واحد تحادثت معه وجرني مظهره إلى مسألة ” أطفال الكلاشنكوف” فسألته : بكم هذا الآلي ¿ قال: بخمسمائة ألف ريال . قلت: وكم قيمة الطلقة الرصاص¿ رد: بـ 400 ريال. وكم معك¿ قال: مائة وخمسين حبة .قلت: معك الآن أكثر من نصف مليون ريال . رد ضاحكا .. وهو يفسح المقعد لراكب جلس بجانبه. فعدت وقلت له: لو سألك سائل أتحب سلاح الموت أم كتاب الحياة ¿ بعد تردد قال : كتاب الحياة قلت : إذن لماذا لا تترك البندق وتحمل القلم وتذهب للمدرسة ¿ قال : قرأت إلى صف سابع في القرية جاء أبي وأخرجني من المدرسة وذهبت إلى عند الشيخ وأعطاني هذا الرشاش قلت: وأمك رضيت أن تترك المدرسة وتحمل السلاح .ألم تعارض أبوك مثلا ¿.قال : ما صطاها . قلت له : أكيد أنها حزنت عليك ¿ قال: وأنا ما دراني .(!!).
وحديث آخر جرى في جمع من الأصدقاء في مقيل قال أحدهم بنته العائدة من زيارة أهله في القرية أخبرته بمعاناة قريبة له وما تلقاه من ظلم وقسوة من زوجها الميسور الحال رغم أنها تتحمل مشاكل أولاده وتعمل في الأرض وتجلب المياه وتربي المواشي وفوق ذلك أنها مريضة وحينما طلبت منه ان يعرضها على الطبيب ود لها الموت . قلت ممازحا : ولم لا تتمنى له الفناء مادام على هذه الدرجة من التوحش رغم غنائه كما فهمت ¿ قال : المرأة اليمنية بطبيعتها طيبة وحنونة تتحمل الأهوال بصبر ..لا تشكو ولا تتبرم ..ولا تدعو بشر على زوجها وفلذات أكبادها حتى لو ضربها وأهانها . قلت : صحيح ..حواء اليمن تغرق في الهموم اليومية والتفاصيل الجزئية للقضايا المعيشية والاجتماعية يتساوى في ذلك المرأة الأمية والطالبة والتلميذة مع المتعلمة والموظفة لدرجة غابت عنها فيها أصول حقوقها الإنسانية في الحياة والصحة الإنجابية والتعليم والغذاء والمشاركة السياسية وقبل ذلك الحفاظ على كرامتها وحريتها وفقا لتعاليم الإسلامية على الأقل حتى لقد تكونت عندها مسلمات تبدو وكأن الأخذ بها أمر طبيعي رغم انه لو سلطت عليها أضواء بسيطة كاشفة لظهر أنها مسامات خادعة مزيفة والأمثلة في مجتمعنا أكثر من أن تحصى (¿!).
والحق أن الحديثين يختزلان أوجاع أهم وأضخم شريحتين في يمننا ..الطفل (ذكرا أو أنثى) والمرأة فكلاهما يتعرضان لأبشع الانتهاكات والجرائم وتحفل سجلات المنظمات الدولية والمحلية المتخصصة بشؤون حقوق الإنسان وأخبار وسائل الإعلام بكم مهول من وقائع وقصص أليمة – يشيب لها شعر الولدان – تكشف عن تنامي النزعة العدوانية والعنصرية تجاه هاتين الشريحتين نجد أبرز عناوينها الصارخة في عدوان لفضي وجسدي في كل مكان وزمان ..في البيت والشارع والعمل ..في المدرسة والجامعة كما في المدينة والريف ..ومن المظاهر المقلقة التي تتزايد مع مرور كل يوم أننا نبيت ونمسي على أخبار اختطاف واختفاء الفتيات والتحرش الجنسي والاغتصاب والضرب والقتل وحرمان الصغار من حقهم في التعليم واللعب والترفيه والمعرفة وتهريب الأطفال والمتاجرة بهم في دول الثراء النفطي ناهيك عن ذبح طفولة اليمن بأيدي قيادات متناحرة جعلت من الصغار وقودا أو حطبا لتلك الحروب العبثية المعروفة أهدافها للجميع .
أن المحنة الأشد في أن الرأي العام اليمني مع كل مجزرة أو بعد كل مذبحة وجريمة يستفيق على صرخة الضحايا من جنوده ونسائه وأبنائه وبناته وأطفاله فيتذكر حقوق الإنسان ومعاهدة حقوق الطفل ومعاهدة حماية المرأة من العنف ومعاهدة جنيف الرابعة وبروتوكولها الإضافين بشأن حماية المدنيين وقت السلم والحرب فترتفع الأصوات في وجه المستبد مرددة ما أطلقه الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يوم قال : “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ” , ثم يخفت الصوت ويعود من جديد عند كارثة أخرى.
مناسبة التطرق إلى الحدثين السابقين تصادفا مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان العاشر من ديسمبر وقد اختارت الأمم المحتدة شعار هذا العام 2014 م هو ” حقوق الإنسان 365يوما في السنة ” لنشر الوعي بين الناس بمالهم من حقوق في الحياة والحرية والاختيار والعدل والمساواة بين الجنسين الى حق التنفس وإضاءة الكهرباء وغيرها .
ونحن في اليمن من أشد شعوب الأرض حاجة لمعرفة الحقوق واستعادة ما نهب وسلب منها في غير مجال ,وما أحوجنا أيضا لإدراك إن مكانة المرأة في حياة الرجل والمجتمع كله ذات معنى جليل ,وان الطفل أكان ذكرا أو أنثى ذات اثر بالغ في الأسرة والوطن ..ولهذا يستوجب على كافة المؤسسات

قد يعجبك ايضا