تحقيق / وائل علي الشيباني –
أعطال السيارات المفاجئة أودت بحياة 13 ألف شخص
وإصابة 86 ألفا خلال خمس سنوات
¶ميكانيكيون : بعض الأعطال تظهر فجأة ولابد من مراكز متخصصة للفحص الدوري في عموم المحافظات
¶ سائقون: لا نهتم للفحص الدوري ..لأنه غير ملزم
الإهمال ..والجهل ..الفساد ..هذا الثالوث المدمر يعد حاضرا بقوة في القضية محل البحث ..ويزيد من وطأته ارتباطه بقضية لها علاقة مباشرة بحياة الناس.. هذا ما يظهر جلياٍ عند التمعن والبحث في ظاهرة غياب ثقافة الفحص الدوري للمركبات وأخطار ذلك على السائقين والركاب..
وتظهر أرقام الحوادث الصادرة عن إدارة المرور تزايدا مخيفا في عدد حوادث السيارات والمصابين خلال السنوات الأخيرة ..
ويعيد رجال المرور في الغالب تزايد أرقام الحوادث إلى إهمال السائقين لمركباتهم وغياب الفحص الدوري الملزم .
ياسر منصور سائق تاكسي يؤكد أنه غالباٍ ما يتنقل بين محافظات صنعاء وتعز والحديدة لتوصيل بعض الركاب بشكل خاص لذا يقوم بإجراء فحص لسيارته للتأكد من صحة الإطارات والمكابح وغيرها من الإجراءات الروتينية كتغيير الزيت والمساحات.
وقال : قبل السفر ينبغي على أي سائق أن يزور إحدى الورش القريبة من منزله .
ويعتقد منصور أن هذا الفحص السطحي والسريع كاف لتجنيبه الأخطار التي قد تنتج عن خلل ميكانيكي عند السير في الخطوط الطويلة وبسرعة عالية .
ويرى بأن تلك الإجراءات الروتينية كافية عند السفر.. وقد لايلتفت لمخاطر أخرى ربما تكون محققة ..معللا ذلك بأن الأمر قضاء وقدر .
انعدام الثقة
بخلاف ياسر منصور فإن ياسر حمزة محاسب مالي يؤكد على أهمية الفحص الدوري للسيارة خاصة عند السفر ولكنه في نفس الوقت لا يثق بمراكز الفحص الدوري التابعة للجهات الحكومية ويعلل ذلك بالقول صديقي ذهب لتجديد كرت سيارة كان قد اشتراها من أحد جيرانه مستعملة وفيها بعض الأعطال الميكانيكية في علبة السكان وقماشات المكابح فطلبت منه الجهات المختصة تجديد كرت السيارة وورقة الفحص الدوري قبل أن تجدد له كرت السيارة فذهب إلا هناك وحصل على ورقة تثبت نجاح سيارته في الاختبار ..لكنه يشعر بأن الثقة انعدمت بمن يقوم بهذه الأعمال.
ويلفت إلى مشكلة أخرى وهي أن مراكز الفحص بعيدة عن قلب العاصمة ويقول :أنا اْدخل سيارتي ورشة الوكالة المصنعة لها لإصلاح الأعطال بعد فحصها بالأجهزة الالكترونية الخاصة بالوكالة وهذا أضمن بالنسبة لي. ويختم حديثه بالقول :صحيح أن الفحص الدوري في الوكالة يكلف مبلغاٍ مالياٍ إضافياٍ ويثير سخرية أخوتي وأصدقائي ممن لا يقومون بالفحص إلا في ورش بدائية ولكن هذا ما أراه صحيحاٍ وسأستمر بعمله.
الجهل بالدين
قال تعالى (وِلاِ تْلúقْواú بأِيúديكْمú إلِى التِهúلْكِة) بهذه الآية الكريمة استهل الداعية محمد صالح محسن حديثه بعد أن سألته عن الأشخاص الذين لا يهتمون بالفحص الدوري لمركباتهم خاصة في أثناء السفر وأضاف صالح قائلاٍ :إنه من الأمور المعلومة شرعاٍ تحريم إلقاء النفس إلى التهلكة وتعريضها للتلف وإن من أنواع إلقاء النفس إلى التهلكة قيادة السيارة بسرعة كبيرة وكذلك عدم أخذ الاحتياطات اللازمة وصيانة سياراتهم أولاٍ بأول خاصة عند تجاهل بعض الأعطال في أماكن حساسة كالمكابح والإطارات والمقود وغيرها و الذي قد يتسبب بحوادث إذا لم يقم السائق بإصلاحها .
وأوضح أن التقاعس عن فحص السيارة دورياٍ يعرض حياة السائقين ومن معهم للموت وأحياناٍ أخرى يعرض حياة المارة للخطر…
وبين أن ذلك التقصير إذا لم يؤد إلى حادث مؤسف فإنه من أذية المسلمين المحرمة شرعاٍ ومن الأمور الموجبة للعن من قبلهم فهي أشد من التبرز في طرقات الناس بلا شك وقد كثرت في الآونة الأخيرة الحوادث المؤسفة لضعف الوازع الديني في النفوس.
أهمية الفحص
عبد الناصر سفيان مهندس ميكانيكي يؤكد على أهمية الفحص الدوري للمركبات وهذا ما يؤكد عليه مصنعو السيارات وذلك بهدف حمايتها من أي أعطال قد تحدث فجأة أثناء السير بسرعة كبيرة والتي قد تتسبب بحوادث مؤلمة تشير الإحصاءات إلى تزايد ها في الفترة الأخيرة.
كما لفت سفيان إلى أن العطل قد يتفاقم عند إهمال إصلاح القطعة التالفة لأن ذلك يؤدي إلى إتلاف قطعه أخرى بسبب إهمال الصيانة .
وهذا الإهمال لدى السائق اليمني كما يقول سفيان يؤدي إلا إزهاق الأرواح وتلف الممتلكات وكذلك الإضرار بالبيئة التي تلوثها عوادم المركبات .
مبيناٍ أن القيام بهذه المهمة من قبل السائقين يعمل على إطالة عمر المركبة ولهذا تجعل إدارات المرور في الدول المتقدمة الفحص الدوري ضمن قائمة اهتماماتها وتلزم به كل صاحب مركبة حفاظاٍ على السلامة العامة للمواطنين .
وينصح المهندس الميكانيكي سفيان السائقين تفقد السيارة قبل السفر لتدارك الأعطال الميكانيكية التي قد تحدث فجأة خاصة في الخطوط الطويلة وعند المرور في بعض الأحيان في طرق وعرة تؤثر على مساعدات السيارة و الإطارات .
وتمنى سفيان من الجهات المسئولة عن هذا الإجراء أن تكون جادة في تطبيق هذا القانون بالإضافة إلا فتح فروع لمراكز الفحص الدوري في عموم المحافظات لأن أربعة فروع لا تكفي أبداٍ.
مرور الكرام
ثقافة الفحص الدوري للسيارات لدي السائق اليمني شبه منعدمة ولا يزور السائق ورش إصلاح السيارات إلا بعد توقف السيارة في إحدى الشوارع أو بعد تلف القطعة التي يريد إصلاحها والتي تسبب أحياناٍ أعطالاٍ أخرى بسبب إهمالها هذا ما أكده الصلوي عامل في إحدى الورش بشارع خولان وأضاف: لا يأتي إلينا بعض السائقين لفحص السيارة إلا إذا أرادوا السفر ويحددون لنا الأشياء التي يريدون التأكد من سلامتها كالمساعدات والمكابح وأحياناٍ هواء الإطارات ومن ثم يذهبون إلا أقرب بنشر للسيارات لتبديل زيت المكينة وعلبة السكان ونفخ السيارة بالهواء وتبديل المساحات في موسم الأمطار إذا كانت تالفة هذا ما يفعله السائق عند السفر وكأن السيارة لا تتعرض إلا لهذه الأعطال فقط .
وأكد أن هناك سيارات قديمه منذ الثمانينيات لا تصلح للسفر لكنها للأسف تقوم بمهمة نقل المواطنين من صنعاء مباشرة إلا قراهم وكذلك الحال في محافظات أخرى وقال نادراٍ ما يأتي إلينا سائقون يطلبون منا فحصاٍ شاملاٍ للسيارة ويقومون بإصلاح جميع الأعطال .
ضرورة الفحص
قائد السنفي مساعد أول في شرطة السير يؤكد على ضرورة خضوع المركبات بأنواعها للفحص الدوري تجنبا للحوادث .
مطالبا بتطبيق القانون في جميع محافظات الجمهورية بشكل جاد لأن ذلك سيحقق نتائج إيجابية على صعيد التقليل من نسبة الحوادث .
كما أكد السنفي على أن إدارة شرطة السير تلزم السائقين الراغبين في تجديد كرت المركبة أو جمركتها وترقيمها بإحضار استمارة أو شهادة الفحص الدوري لكي يحصل السائق على مبتغاه وهذا ما يحصل بالفعل خاصة مع السيارات القديمة والمتهالكة نوعاٍ ما .
أما ما يخص السيارات موديل 2011م وما فوق يؤكد أن هذه حالة استثنائية ويمكن أن تمر معاملاتها بدون هذا إجراء الفحص خاصة إذا كان شكل المركبة يوحي بأنها جديدة ولا تحتاج إلى فحص يثبت خلوها من المشاكل الميكانيكية الخطرة .
وختم حديثه قائلاٍ: من ناحيتي اهتم بتقديم النصح لكل سائق بأهمية هذا الفحص مهما كانت الأسباب التي قد تمنعه من ذلك لقناعتي التامة بأهمية هذا الإجراء الوقائي .
حقائق مرة
وطبقا لإحصائيات تم تناقلها في الصحف اليمنية عن الأضرار التي يخلفها التهرب من الفحص الدوري فإن من يموت يومياٍ بسبب الحوادث الناتجة عن إهمال المركبة يبلغ عددهم من 7 إلى 8 أشخاص وتتسبب تلك الحوادث بجرح حوالي 47 آخرين في ذات اليوم.
كما تقود عوادم السيارات الكثير من الناس إلى المستشفيات وأحيانا إلى الرفيق الأعلى نظراٍ للمخاطر الصحية التي تنتج عن السيارات التي تنفث أدخنة سامة بسبب انتهاء عمرها الافتراضي أو عدم صيانتها بشكل مستمر.
غير أن الملاحظ حسب رجال مرور عدم اكتراث السائقين للتحذيرات وتزايد إحصاءات الحوادث التي تعتبر جرس إنذار تحذرهم من خطورة عدم إجراء الفحص الطبي لمركباتهم .
ونتيجة لتجاهل السائقين المستمر للفحص الدوري فإن الإحصائيات الرسمية تتحدث عن 63 ألف حادث مروري خلال الخمس السنوات الأخيرة فقط أودت بحياة أكثر من 13ألف شخص من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين وجرح أكثر من 86 ألف شخص منهم 50ألفاٍ أصيبوا بجروح بليغة وطفيفة .
فيما بلغ حجم الخسائر المادية أكثر من11ملياراٍ و300مليون ريال .