إتفاق الإصلاح وأنصار الله.. خطوة بالاتجاه الصحيح
أحمد الزبيري
المصلحة الحقيقية لكل الأطراف والقوى السياسية هي أن تلتقي وتتفاهم وتعمل بجدية بحثا عن الحلول لخلافاتها وعلى نحو ينسجم مع توجهات إخراج اليمن من أزماته التي انتجتها الصراعات الموروثة وأجندة مشاريع بعض القوى التي تتواصل مساراتها في الحاضر وقد تمتد إلى المستقبل إن أصرت تلك الأطراف على منطق تفكيرها السياسي الضيق مع أن الواضح والجلي منذ وقت بعيد كان اتباع نهج القبول بالآخر والتحاور معه بدلا من إقصائه ولو بوسائل العنف والصراع المسلح المنبثق من عقلية إلغائية لوجود هذا الآخر اعتقادا أن ذلك سيتيح لمن اتبع هذا النهج الاستفراد الأحادي المسيطر والمهيمن على مجمل الأوضاع في البلد لمصلحته.
وهنا من المهم أن نؤكد على حقيقة أن فرض الإرادة بوسائل العنف كانت دائما تولد عنفا مضادا وتنبثق منه أسباب وعوامل تؤدي إلى أزمات وحالات احتراب لا ينتهي لنبقى في حلقة مفرغة بمحصلتها أجهضت كل المشاريع التغيرية لمصلحة أمن واستقرار ونماء وتطور الوطن وعندما يستوعب الدرس نكون قد تأخرنا وخسرنا الكثير ولكن أن يأتي التفاهم والحوار متأخرا خيرا من ألا يأتي أبدا.. وهذا ما ينطبق على اللقاء الذي جمع الأسبوع الماضي في صعدة قيادات من حزب التجمع اليمني للإصلاح وقائد حركة أنصار الله عبدالملك الحوثي وهو لقاء اعتبرته قوى سياسية داخلية وخارجية مفاجئا وبقدر ما مثل خطوة إيجابية كان يفترض أن تحصل من فترة مبكرة لكن لا ينبغي ألا نستغرق في مافات على حساب إدراك الأهمية التي يكتسبها هذا اللقاء وما خرج به من الاتفاق الذي إن صدقت النوايا لا يصب فقط في مصلحة طرفيه بل وفي مصلحة اليمن كله.
من الطبيعي أن تبرز تفسيرات وتأويلات وأن يثير هذا اللقاء التصالحي الكثير من اللغط الذي يحمل في معظمه سوء الظن وهذا له ما يبرره بالنظر إلى العلاقة العدائية التي بلغت بها الأحداث الأخيرة ذروتها لكن أصحاب هذا التحليل نظرتهم من زاوية ضيقة لأن معطيات واقع الطرفين واليمن فرضت عليهما خيار التفاهم والتصالح ونجاحهما في تنفيذ ما أتفق عليه سيعزز الثقة بينهما وسيوسع من هذا المسار الإيجابي ليشمل أطرافا أخرى في الساحة السياسية.. فالجميع محتاج للمصالحة الصادقة والتوجه نحو التطبيق الجدي المسؤول لاتفاق السلم والشراكة وتنفيذ مخرجات الحوار وبناء دولة لكل اليمنيين قوية وقادرة وعادلة.
بدون أدنى شك أن الحكم على هذا الاتفاق متروك للأيام القادمة ليثبت أن الذي كانت وراءه الحكمة اليمانية وليس الحسابات السياسية التكتيكية الآنية ونحن نرجح الأولى لأن الخروج من الأزمات ومن الصراعات والاحتقانات والانسدادات لا يكون إلا بالتوجه نحو الشراكة التي تمليها الضرورة لتجنب خيار الذهاب إلى المجهول الذي يأتي هذا الاتفاق واليمن الوطن والشعب يقف على حافة السقوط في هاويته إذا ما استمرت القوى الاجتماعية والسياسية في تغليب ضغائنها وأحقادها بما تعنيه من نزعات ثأرية انتقامية مدمرة لها وللوطن ولتطلعات أبنائه في يمن جديد متحرر من كل قيود الماضي ينتمي إلى المستقبل.