مؤشرات إيجابية في مسارات الانتقال
أحمد الزبيري
أحمد الزبيري –
هناك الكثير من المؤشرات المطمئنة بأن اليمن تسير نحو حلحلة وزحزحة لأثقال الصعوبات والتحديات المتراكمة على مدى عقود باتجاه حلول جدية لكافة القضايا الأساسية والرئيسية والمحورية وبصورة مغايرة لطريقة التعاطي مع هذه القضايا خلال السنوات الماضية لأن القوى السياسية لا سيما المتنفذة والمهيمنة كانت تمنع ذلك واضعة المعيقات والعراقيل التي وصلت في أحايين كثيرة إلى مستوى التحديات والأخطار الفعلية معيدة البلاد إلى المربع الأول وحافة الانزلاق مجددا إلى انهيار كارثي منعه إلى حد ما القوى الإقليمية والدولية ليس بدافع الحرص على اليمن وإنما بدافع حسابات مصالحها المرتبطة بموقع اليمن الجيوسياسي فأي صراع وحرب وفوضى شاملة سيكون لها تداعيات سلبية كبيرة على الوضع الدولي والإقليمي وسينتج عنه أضرارا سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية .
لن نسهب في هذا المنحى لأن هذا موضوع آخر لكن كان لا بد من الإشارة إليه لفهم ما نتحدث عنه من مؤشرات التفاؤل التي انبجست من اتفاق السلم والشراكة الذي انطلقت تطبيقاته بتشكيل الحكومة التي يمكن القول عنها أنها إلى حد كبير حكومة كفاءات وما يهمنا هنا أنها أسست أو أرست مبدأ الكفاءة وهذا بحد ذاته مؤشر تفاؤلي أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق التغيير الحقيقي الذي تطلع ويتطلع إليه الشعب اليمني في نضال تاريخه المعاصر .. وبكل تأكيد كانت قضية بناء دولة مدنية ديمقراطية موحدة حديثة تتصدر أهداف كفاحه الوطني وتكمن أهمية بناء هذه الدولة في كونها الموضوع المحوري والاستراتيجي لانتصار أي مشروع تغييري يؤدي إلى الاستقرار بمعناه ومضمونه الشامل .
وما نقصده في هذا السياق هو دولة تقوم على عقد اجتماعي تستمد منه بنيتها المؤسسية المعبر عنها في سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية قوية واضحة الصلاحيات ومحددة المهام تعكس إرادة الشعب وقادرة على تجسيد مصالحه في الأمن والاستقرار والنماء والتطور ..دولة تحقق النظام والقانون على قاعدة أن الجميع أمامها الموطنون متساوون في الحقوق والواجبات تنهي كل أشكال التمييز والإقصاء والتهميش ..ندرك أن هذا المسار واجه في الماضي صعوبات وتحديات ذاتية وموضوعية لها علاقة بتعقيدات التركيبة الاجتماعية المتخلفة في بلادنا والتي ما زالت حاضرة في الواقع الراهن مع فارق أن الفرصة الآن مؤاتية إذا ما تم الاستفادة منها وهذا يتطلب أن تكون القوى السياسية قد نضجت في وعيها وأصبحت في مستوى استحقاقات الخروج من صراعات وحروب الماضي التي كانت في معظمها عبثية وانتهت نتيجة لغياب الدولة إلى ما نحن فيه من أوضاع مزرية ومأساوية .
تحركت عربة التغيير بالاتجاه الصحيح لكنها لم تقطع المسافة التي فيها يتحول الأمل والتفاؤل إلى حالة من الملموسية التي تؤتي الطمأنينة للمواطن وهذا لن يتأتى إلا بتطبيع الحياة العامة للشعب والانطلاقة نحو هذه الغاية ببناء مؤسسة عسكرية وأمنية على أسس جديدة تؤدي في محصلتها إلى جيش وأمن يذود عن حياض اليمن ويدافع عن سيادته واستقلاله ويصون أمنه واستقراره وجيش كهذا يتطلب من القوى السياسية أن تكون على قناعة وإيمان بوجوب أن تكون المؤسسة العسكرية والأمنية مؤسسة وطنية حيادية يمنع فيها أي نشاط سياسي أو حزبي وتحرر أوساطها من كل التكوينات الضيقة القبلية والمناطقية والمذهبية ووفقا لهذا تحدد عقيدته العسكرية.
بطبيعة الحال المواطن البسيط لن ينتظر حتى يتحقق كل هذا ..لذا يجب أن تتوازى مسارات عملية التحول والانتقال مع تحسن في أحواله الحياتية والمعيشية والخدمية وهذا يستدعي بصورة سريعة وقف كل أعمال الإرهاب والتخريب التي تستهدف المصالح الحيوية يأتي ضرب أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط وأعمال التقطعات لناقلات النفط والغاز كأولوية ملحة لما لهذا من أهمية في خلق الطمأنينة لدى غالبية أبناء الشعب الذين تحت تأثير هذا الشعور الإيجابي سيشكلون القاعدة العريضة والسند الداعم لإنجاز كل الاستحقاقات وفي مقدمتها بناء الدولة .