الحكم الرشيد…. وصناعة مستقبل اليمن
أحمد أحمد المدامي
*وزارة الخدمة المدنية والتأمينات*
باعتبار أنه لا يمكن قيام دولة مدنية عادلة دون قيام حكم رشيد كما لا يمكن للحكم الرشيد أن يوجد إلا باحترام سيادة القانون ولا يمكن أن يتحقق احترام سيادة القانون إلا باستقلاليته واحترام القائمين على تطبيقه وهم أعضاء السلطة القضائية وكما أن قوة الدولة في قوة مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وفي قوة قيادتها وعيا وإدارة وقدوة حسنـة.. وإن أبرز سمات الحكم الرشيد هي قدرة نظامنا السياسي على تحويل الديمقراطية إلى قيمة نمارسها وندافع عنها.
لذلك في الحقيقة ما تحمله من أهميـة بالغة مسألة تطبيق وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بمكوناتها كافة وأهمها مكون “الحكم الرشيد” وكذلك تطبيق وتنفيذ “اتفاق السلم والشراكة الوطنية” والمتضمن الكثير من مهام بناء مؤسسات الدولة ومهام الإصلاح المالي والإداري وتحقيق العدالة في الوظيفة العامـة يجعل من المرحلـة القادمة إن شاء لله تعالى مرحلة إصلاحات حقيقية تؤدي إلى بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي يصبو إليها ويحلم بها جميع اليمنيين .
ونظرا للكثير مما قيل ومما يمكن أن يقال عن “الحكم الرشيد” من قبل المختصين والخبراء في هذا المجال ومع خبرة وتخصص الكتاب والمتحدثين والدراسات المقدمة في هذا المجال فقد تابعت باهتمام الدراسة القيمة للدكتور أحمد الأصبحي والتي حملت عنوان “الحكم الرشيد بين يدي الحكومة الجديدة (حكومة التحدي)” والتي تم نشرها في صحيفة 26 سبتمبر الأسبوعين المنصرمين في جزءين والتي تضمنت جوانب معرفية متنوعة وتناولت مفاهيم ومعايير الحكم الرشيد كما نستطيع القول بأنها تناولت جانبا تقييميا للوضع السابق خلال فترة المرحلة الانتقالية أثناء حكومة الوفاق الوطني ومدى تمثلها للحكم الرشيد حيث التزمت وتعهدت أمام مجلس النواب أن تحدث تغييرا نحو الأفضل في اتجاه الحكم الرشيد .
وإزاء محاولة تطوير وتحسين الأداء العام الحكومي والحد من استشراء الفساد في مختلف مفاصل الدولة وإحداث تقدم في الأداء الوظيفي وتدوير الوظائف ووضع الرجل الكفء المناسب في المكان المناسب وتبسيط الإجراءات وتنفيذ الكثير من المشاريع التنموية حاولت الحكومة باستخدام مجموعة الطرق والأساليب والنظم المختلفة من تحقيق مطالب التغيير في الفترة الانتقالية بما يمكن من الخروج من الأزمات المختلفة وبما يكفل حقوق الإنسان وترسي قيم العدالة والمساواة والشفافية والتصدي للفساد بجميع صوره السياسية والمالية والإدارية ولذا حرصت الحكومة على وجود تعليمات قانونية وإدارية تلتزم بها جميع قطاعات وأجهزة الدولة وتعنى بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان مما جعل من وزارة الخدمة المدنية والتأمينات بهذا الخصوص تصدر عددا من القوانين للإعمال بمبادئ الحكم الرشيد وقد جاء قرار مجلس الوزراء رقم (304) لسنة 2012م بإصدار المدونة الخاصة بأعمال مبادئ الحكم الرشيد في الخدمة العامة (الإصدار الأول) وكان من أهم القرارات التي هدفت إلى إعلاء وتجسيد قيم ومعايير الحكم الرشيد في إطار نهج متكامل من المبادئ والإجراءات والممارسات المجسدة لهذه القيم والمعايير على مستوى قيادة وإدارة مؤسسات الدولة وجهازها الإداري والتنفيذي وعلى مستوى علاقة الدولة بمؤسسات المجتمع وبالمؤسسات الإقليمية والدولية وتحسين البناء المؤسسي والتشريعي لمنظومة الإدارة العامة وتجسيد مبادئ الشفافية والمساءلة وتكافؤ الفرص والأخذ بمعايير الكفاءة وأعمال الدور الرقابي الرسمي والشعبي الفاعل على الأداء وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب .
وفي الواقع وزارة الخدمة المدنية عملت على توزيع قرار المدونة على وحدات الخدمة العامة وعملت على متابعة التنفيذ لهذا القرار ولكن من يعيد التأمل في مشهد ونتائج الأداء الحكومي خلال الفترة الماضية من المرحلة الانتقالية يجد وللأسف الشديد أن حكومة الوفاق لم تدرك أهمية “صناعة المستقبل اليمني” وقد كان واضحا للجميع بعدها الكامل عن قضايا مصيرية وهامة ومنها: عدم تجسيد وتطبيق مفاهيم ومعايير الحكم الرشيد بالصورة المطلوبة .
وهنا يجب أن نكتفي بالقول بأنه يجب على الحكومة القادمة حكومة الكفاءات والشراكة الوطنية أن تولي موضوع أو “مكون الحكم الرشيد” اهتماما بالغا وأن يكون التطبيق والتنفيذ الناجح لهذا المكون من أولويات مهامها المستقبلية وذلك من خلال العمل على تجاوز التحديات والعراقيل بالمعالجة الصحيحة في الوقت المناسب دون تأخير أو تردد ومن خلال تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتطبيق وتفعيل قرار المدونة والذي يمثل لبنة في مدماك بناء الدولة اليمنية الحديثة وتطبيق