تأملات يمنية

د/عبد الله الفضلي

 - تبين من الأزمة السياسية الجارية في اليمن أن اليمنيين على مختلف مشاربهموعلى مختلف مستوياتهم العمرية والثقافية والاجتماعية وتوجهاتهم السياسية والعقائدية أنهم ما يزالون
تبين من الأزمة السياسية الجارية في اليمن أن اليمنيين على مختلف مشاربهموعلى مختلف مستوياتهم العمرية والثقافية والاجتماعية وتوجهاتهم السياسية والعقائدية أنهم ما يزالون في مراحلهم الجنينية المبكرة في ممارسة العمل السياسي الاحترافي وإدارة الأزمات وشؤون الدولة , فهم يفتقدون إلى النضج السياسي وعدم مقدرتهم على إحداث أي تغيير جذري في البلاد والتوجه الحقيقي نحو بناء دولة يمنية حديثة قائمة على العدل والمساواة والقانون والنظام الصارم في شؤون حياتنا . فكل شيء يدار في هذه البلاد بالبركة وبالجهل وبالقوة والظلم والقهر والقسوة والاعوجاج في كل شيء .
وكل مؤسسة من مؤسسات الدولة تدار وتمشي على هواها وبأساليب تقليدية وبطريقة من يديرها والقائمين عليها , وكل عيون هؤلاء جميعا مركزة على المكاسب الشخصية والحزبية والعائدات المادية التي سوف يجنيها من هذه المؤسسة أو الوزارة أو الهيئة بصرف النظر عن تحقيق آمال وطموحات وأهداف المؤسسة التي يديرها ورفع مستوى أداء العاملين فيها من الناحيتين المهنية والتدريبية والمعيشية . خاصة أولئك الذين يتولون حقائب وزارية أو رؤساء مؤسسات أو هيئات أو مصالح وهم من فئات أنصاف المتعلمين وأنصاف المثقفين وأنصاف المؤهلين, حيث يصلون بهذه الهيئات والمؤسسات والوزارات إما إلى مرحلة الفساد الكامل والنهب المنظم لمدخراتها أو الفشل الكامل والإفلاس , وهؤلاء القادة من الإداريين وأمثالهم هم من أوصل البلاد إلى حالة الانهيار الاقتصادي والفشل في كل شيء ,لأن هناك تغاضيا ومصالح مشتركة وتغافلا متعمدا عما يجري في تلك المؤسسات .
والدولة والحكومة والرقابة والمحاسبة وهيئة الفساد كلهم يعرفون ويدركون ذلك الفساد وعوامله .
ولكن ضعف الإدارة للدولة وتهالكها وانحسار هيبتها وتدهور أوضاعها الرقابية والإدارية وهشاشة العدل والقضاء قد أدى إلى تردي أوضاع البلاد كما أدى إلى تفاقم المشكلات وكثافة وتوسع وممارسة أخطبوط الفساد والرشوة وتعميم ذلك على كل أجهزة وإدارات الدولة , كل ذلك قد جعل كل فاسد يتمادى ويتوسع في فساده وإفساد الآخرين وينقل العدوى إليهم حتى يصبحوا مصابين بوباء الفساد الذي أصبح مستشريا في دمائهم وفي عروقهم .
إن الفساد المالي والإداري قد أدى بدوره إلى فشل في إدارة الدولة لشؤونها والمحافظة على أموالها ومواردها حيث تذهب معظم موارد الدولة وبنسبة قد تصل إلى نحو 70% إلى جيوب وأرصدة القائمين عليها ورغم ذلك ما زالوا يسرحون ويمرحون ويفسدون أكثر من أي وقت مضى . ومن أسباب ما وصلنا إليه من أوضاع مزرية في تقديم الخدمات الأساسية للبلاد وفساد أثقل كاهل الخزينة العامة للدولة هو سوء الإدارة وضعف مستواها وسوء القائمين عليها وعدم إلمامهم بمبادئ وأسس الإدارة ابتداء من رأس الهرم الإداري للحكومة إلى قاعدته العريضة, وما المحاصصة والتقاسم والتسابق على الوظائف العامة العليا في الدولة إلا نوعا من الفساد والعبث بالمال العام وتضخم أرصدة الفاسدين الذين تاجروا بالبلاد والعباد .
كما أن هناك مصالح مشتركة وعقدا مبرما غير معلن بين رؤساء المؤسسات والهيئات والمصالح وبين بعض المسؤولين الكبار الذين يرأسونهم ,حيث يمررون لهم العديد من الصفقات المشبوهة والوهمية وبعض المشاريع الورقية الكاذبة والمزورة ثم يتقاسمون الغنائم فيما بينهم , وهذا ما أدى إلى إحجام الدول المانحة إلى عدم المغامرة في إرسال الأموال وإرجاء المساعدات المقدمة لليمن حتى تطهر الحكومة من الفساد والفاسدين .

قد يعجبك ايضا