الثورة.. مفهوم ومنهج.. (*)

د. أحمد حمود المخلافي

 - الثورةظاهرة تاريخية.. فقد كانت أول ثورة تحررية في العالم هي (ثورة أوتوحيجال) في جنوب بلاد النهرين (العراق القديم) في حوالي منتصف الألف الخامس قبل
الثورةظاهرة تاريخية.. فقد كانت أول ثورة تحررية في العالم هي (ثورة أوتوحيجال) في جنوب بلاد النهرين (العراق القديم) في حوالي منتصف الألف الخامس قبل الميلاد قام بها (السومريون) الذين يعتقد أن أصولهم ترجع إلى اليمن..
والثورة أيضا ظاهرة اجتماعية لأنها ترتبط بجوانب حياة الإنسان كلها..
وبالرغم من أنه ليس للثورة مفهوم محدد متفق عليه.. لكنها تعني – بشكل عام- تغييرا كبيرا مفاجئا في أوضاع قائمة.. يسفر عن أوضاع جديدة لم يسبق أن يكن هناك عهد بها..
وتستمد الثورات أهميتها من اتساع مداها وعمق محتواها وشموليتها لأغلب طبقات وفئات المجتمع.. لذلك كانت الثورات التي افضت إلى تغييرات سياسية واجتماعية واضحة هي الأوفر شهرة والأكثر تداولا بين المؤرخين وغيرهم من المثقفين..
ومن أمثلة هذه الثورات:
1- الثورة الفرنسية (1789).
2- الثورة الروسية (1917).
3- الثورة الإيرانية (1979).
وهناك ثورات (خاصة) أي لم تضم كل عناصر المجتمع وطبقاته.. واقتصرت على بعض منها.. مثل:
1- ثورة العبيد (سبارتاكوس) في روما في القرن الأول قبل الميلاد.
2- ثورة الزنج في بطائح العراق في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي.
3- ثورة الفلاحين في ألمانيا في القرن السادس عشر.
وهناك نوع آخر من الثورات لم تنبثق في سياق (سياسي/ اجتماعي) وإن كانت لها صلات تأثير وتأثر بهذا السياق مثل:
1- اختراع الزراعة في مرحلة ما قبل التاريخ (العصور الحجرية).
2- اختراع الكتابة في بداية التاريخ (الألف الرابعة) قبل الميلاد.
3- الكشوف الجغرافية في العصر الحديث.
4- الإصلاح الديني والإصلاح الديني المضاد.
5- الثورة الصناعية.
6- الثورة الثقافية.
7- الثورة التقنية المعلوماتية (التكنولوجية) في عصرنا الراهن.
وقد كانت الثورة عبر العصور شغلا للعديد من المفكرين في مجالات عدة بينها التاريخ ومنهم من تخصص فيها كـ (حنة أرنت).. ودار جولها سجالا بين المفكرين في إطار الحضارة الغربية.. فمن هؤلاء من يرى في الثورة ضرورة للتقدم الإنساني (ماركس) ومنهم من يراها سلوكا يصدر عن سيكولوجية الغوغاء وهي سيكولوجية تشبه في تكوينها العقلية البدائية (نيشتيه)..
ومن مفكرينا من قال بحق الثورة ومنهم من جانبه (الإمام الغزالي)..
ونظرا لكون الثورة ظاهرة إنسانية اجتماعية عرفتها البشرية منذ ما قبل التاريخ.. ونتج عنها تغيير في البناء السياسي والاجتماعي.. وبرزت على إثرها قوى اجتماعية وثورات أخرى.. وقد تتكرر إذا ما دعت الظروف إلى ذلك.. فهل يمكن اكتشاف القانون العلمي لها¿
الحقيقة هي أن أول مشكلة تصادفنا عند صياغة قانون علمي للثورة هي إشكالية تعريف الثورة ذاتها ضمن البحث عن تراكميتها الكمية.. وتبدو المشكلة واضحة عندما تطلق جماعة ما على نفسها (ثورة) أو عندما يستولي فرد على السلطة مدعيا أن ما قام به (ثورة).. وما يحدث من خلط واضح لدى الباحثين بين (الثورة) علميا وبين حركات أخرى كالانتفاضة أو الهبة أو التمرد أو العصيان الخ..
ومع ذلك فإن التعريف المعجمي للثورة يساعدنا على اكتشاف القانون العلمي لها.. فالمصطلح (Revolution) مشتق من فرنسية العصور الوسطى (Revolutio) ومن الأصل اللاتيني (Revolver) بمعنى (الاستدارة في الاتجاه)..
وتتفق المعاجم الغربية على تعريف الثورة بأنها تغير فجائي وأساسي وتام وتغيير جوهري في النظام السياسي يتلخص في الإطاحة بحكومة قائمة وإقامة حكومة من المحكومين..
وفي لغتنا يعرف (المعجم الوسيط) [الصادر من مجمع اللغة العربية في مصر سنة 1960] الثورة بأنها: تغيير أساسي في الأوضاع السياسية والاجتماعية يقوم به الشعب في دولة ما.. ولكنه يضع أمام التعريف وبين قوسين كلمة (محدثة).. ولم ترد الكلمة بهذا المعنى الاصطلاحي في المعاجم العربية السابقة.. ففي القرآن تأتي كلمة (ثور) بتشديد الواو: بمعنى بحث عن علمه.. وفي (المختار الصحاح) تأتي كلمة (ثور) بتشديد الواو: ثور فلان الشر تثويرا: أي هيجه وأظهره.. وفي (المصباح المنير) كلمة أثاروا الأرض: أي عمروها بالفلاحة والزراعة.
والخلاصة أن الثورة هي عملية الوصول إلى السلطة وتغيير البناء الاقتصادي-الاجتماعي القائم في المجتمع وإقامة علاقات اجتماعية جديدة.. ولكن ما هو القانون العلمي للثورة¿
يمكن اكتشاف هذا القانون من واقع دراسة عينة من الثورات السياسية الاجتماعية الكبرى التي قامت في التاريخ الحديث بحثا عن التراكمات الكمية التي أدت إلى التغير الكيفي (النو

قد يعجبك ايضا