فاطمة وهيدي تعيد إيقاع نبض القارئ

الغربي عمران


الغربي عمران –
إضمامة “نبضات” ضمت ما يقارب من مائة وثلاثين نصا.. صادرة عن دار كليم بالقاهرة ..أواخر 2013 .. صنفتها الكاتبة ضمن السياق بالنثر.. وللنثر تصانيف.. لكل تصنيف سماته.. وسمات هذه النصوص إن أتينا لتصنيفها بالأقاصيد ومفردتها أقصودة .. نصوص مزجت فيها الكاتبة بين فن القصة والقصيدة.. بين الشعر والسرد بفنيات عالية. ذلك جانب والجانب الأخر الموضوعي.. أن جميع تلك النصوص قد انشغلت بالرومانسية والشذى العاطفي وتلك العلاقة الأزلية بين الذكر والأنثى.. في لقطات لغوية راقصة.. تستحضر في ذهن القارئ إيقاعات النبض ليسمع في الأرجاء نغمات شجية هي تفاعل القلب لحظات القراءة .
إذا ما نحن بصدد مقاربته في هذه النصوص يتكئ على عاطفتنا الإنسانية فلا يستطيع القارئ أثناء القراءة التفريق بين بوحه واحتياجه لاستعاده بوح الزهراء وهيدي. وهي من مازجت بين شدوها وإحساس المتلقي لحظات قراءته لتلك النصوص..وهي دعوة شراكة لقارئ مفترض ليشارك تلك النصوص: التأمل.. البكاء.. الضحك.. الجنون . لتساهم تلك النصوص في إذكاء عاطفته أو أن ترمم روح منكسرة وجدانيا.
“نبضات” نصوص بنيت بإتقان مدهش وصدق فني غاية في العذوبة.. تلامس جراح مفترضة.
تدور هذه المقاربة حول عدة نقاط:
– العنوان جزء أصيل من النص وليس عتبة له.
– التكثيف أداة للوصول إلى النص الجديد.
– النهايات الفارقة ..والتي تشيء بنبضات اللغة.
– صفة النصوص بالنبضات ومدلولاتها.

– العنوان: “نبضات” عنوان الإضمامة.. وكون العنوان أهم عتبات النص كممثل له ومؤشر لما يحمله .
وفي ما بين يدينا نجد أن الكاتبة قد جعلت من العنوان ذا وظيفتين..الأولى وهي الوظيفة التقليدية كعتبة إلى النص.. الثانية يوحي عنوان هذه الإضمامة بتصنيف المحتوى ..فنبضات تأشر إلى أن كل ما بداخل دفتي الكتاب من نهر العاطفة وشذى القلب. بعد أن انسحبت تلك النبضات على جميع عناوين النصوص.. فمثلا جعلت الكاتبة من مفردة “نبضة” رديف جميع عناوين النصوص فعنوان ابتسامة ألحقته الكاتبة بمفردة نبضة ليصبح عنوان النص “نبضة ابتسامة” وهكذا جميع عناوين النصوص.. تكونت من مفردتين “نبضة…..” وهذا ما سحب بظلال العنوان العام على جميع العناوين ليقدمها كما لو كانت ترجمة للواعج القلب ولغته العذبة.. بل هي كذلك.
وبذلك يجد القارئ أثناء القراءة أن جميع تلك النصوص نبض متواصل من العاطفة .. ولذلك كان إيحاء عنوان الغلاف قويا ومعبرا عما يسكن بين دفتي الكتاب.
وإذا انتقلنا من العنوان العام إلى العناوين الداخلية فإننا سنلاحظ أن أحد العناوين قد جاء بصورة مغايرة .. فهو لم يقم مقام العتبة فحسب ..بل جاء كجزء من مكون النص..وهذا يقدم لنا قدرة الكاتبة في صهر العنوان بالنص. لتتحقق وحدانية أو اندماجهما في تجربة رائدة ..أو بمعنى أخر أننا لو حذفنا العنوان لجاء النص غير مكتمل وقد يكون فهمه ناقصا.
إذا نحن أمام تجربة جديدة في توحد العنوان بالنص..والنص هو:
“استوطنتني خلسة وعجبا أصبحت لي وطنا” هنا نقف في حيرة أمام هذا النص غير الواضح .. لكن إذا عدنا للعنوان “نبضة تعجب” لنقرأه كجزء منه وبداية له..سريعا ما تتضح الرؤية ويستقيم معنى النص وتظهر جمالياته. إذ أن العنوان جزئ أصيل من النص فمثلا إن أزلناها وقرأنا النص من دونه: استوطنتني خلسة وعجبا أصبح لي وطنا. ماذا سنفهم ¿وما هي التي استوطنتني ¿
أجزم أن هذا النص يمثل فاتحة تحسب للكاتبة ..وكم تمنيت لو أنها اشتغلت على هذا النهج لبقية نصوص هذه الإضمامة. كنوع من التجديد والتجريب .
ثم نأتي على بقية العناوين.. وهنا سيلاحظ القارئ أن النص جاء مترجما للعنوان في عدد من النصوص ..أو شارحا لما يوحي إليه.. وكأن النص ملحقا بالعنوان ومن أجله.. ومن تلك العناوين”نبضة زهو” ونصه”عندما تمر عبر كلماتي تطأطئ الحروف رؤوسها وتهمس ,حضر مليكنا” وفي هذا النص يلاحظ بأنه جاء ليقدم لنا زهو الحبيب.. أو حروف اسمه وقد طأطأت الحروف إجلالا هامسة لها.
عنوان آخر”نبضة مثخنة” ونصه”يحنث طيفك وعده, ولا يأتيني فيثخن قلبي بالوجع” في هذا النص جاءت مفردة العنوان مثخنة في النص “فيثخن” قلبي بالوجع.. وذلك الإثخان مردة الحنث أو خلف الوعد.. ليترجم النص ملدلول العنوان. وهكذا نجد جل عناوين النصوص شروحات للنصوص.. أو استبيان لذلك. ومنها أيضا: نبضة ضياع,نبضة حرية,نبضة رفض… إلخ تلك العناوين. ما زاد تلك النصوص أبعادا بلاغية.. وتركيزا على لغة القلب والروح. وهناك عناوين أخرى لها وضع النص القائم.

– التكثيف: اللغة والإيجاز.. يعرف الجميع أن التكثيف فن لا يستطيع عليه إلا قلة من الكتاب..وأعني بالتكثيف والإيجاز ما يقدم فكرة في قالب فني موجز ومدهش..والإدهاش يختصر عدة أساليب وعدة خصائص لإنجاز النص الملهم. لكنه يلخص في تمثل ر

قد يعجبك ايضا