فنتازيا

فؤاد الحميري

 - صحيح أنها دولة مستقلة ذات سيادة . لها حدودها وعلمها ونشيدها الوطني وحكومتها الشرعية .
وصحيح أنها عضو في
صحيح أنها دولة مستقلة ذات سيادة . لها حدودها وعلمها ونشيدها الوطني وحكومتها الشرعية .
وصحيح أنها عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة .
وصحيح أيضا أننا في اليمن قد انتهجنا – ومنذ زمن طويل – سياسة الحياد الإيجابي وعدم التدخل في الشئون الداخلية لأي بلد . بالإضافة إلى أننا – وكما هو معلوم للقاصي والداني – نعيش أوضاعا داخلية سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الصعوبة والتعقيد . مما يجعلنا غير قادرين على الالتفات لأي قضية إقليمية أو دولية والتفاعل معها كما ينبغي .
غير أن العقل والمنطق (كانا) يحتمان علينا في اليمن – ورغم كل ما سبق – أن نقف وقفة حازمة حيال ما جرى ويجري في دولة ( عمران ) العربية الشقيقة . ليس قياما بحق الجوار الإقليمي فقط . ولا استشعارا بواجب الأخوة القومية فحسب . ولكنه – قبل ذلك وبعده – إدراكا لخطورة ما يجري وتداعياته على الأمن القومي اليمني باعتبار بلد كهذا يمثل حديقة خلفية بالنسبة لليمن . وما يصبح فيه يمسي فينا ولابد .
إن السماح باندلاع حرب – كتلك التي قامت ودامت في بلد وثيق الصلة باليمن تاريخيا وجغرافيا وسياسيا يمثل فشلا استراتيجيا ( للسياسة الخارجية اليمنية ) لن يقتصر أثره المدمر على حاضر المنطقة بل يمكن – لا قدر الله – أن يمس بالتشويه مستقبلها أيضا . الأمر الذي ( كان ) يحتم على اليمن اتخاذ كافة التدابير الوقائية لمنع اندلاع الحرب ابتداء . كما (كان) يحتم عليها – وقد أخطأت الوقاية – أن تتدارك الخطأ باتخاذ كافة التدابير العلاجية لإيقافها .
إن الاعتقاد الخاطئ بأن إضعاف ( الجيران ) – بتركهم لاستنزاف الحروب الداخلية أو البينية المدمرة – قد يقوي من حظوظ (صنعاء) في استعادة دورها المركزي في المنطقة . وتقديم نفسها للعالم كدولة محورية يحسب لها ألف حساب عند اتخاذ أي قرار يخص دول الاقليم .
مثل هذا الاعتقاد الخاطئ لن يعود على اليمن واليمنيين إلا بمزيد من الضعف والضعة والهوان . خاصة ومخرجاته لا تصب – حيث كانت – إلا في صالح جماعات العنف وكيانات الإرهاب .
وهو اعتقاد – لا أتصور شخصيا – وجوده فضلا عن الايمان به من قبل صانع القرار السياسي باليمن وإلا فالمتوقع أعظم سوداوية من الواقع .
إن ما حصل في ( دولة ) عمران هو نتيجة طبيعية لإيمان الساسة اليمنيين واعتناقهم سياسة الحياد السلبي والتي كان من نتائجها ما حدث في ( دولة صعدة ) من قبل . ولو استمرت ( صنعاء ) في تبني قاعدة : ( لا أرى لا أسمع لا أتكلم ) في تعاملها مع ما يدور من حولها فإن المحصلة النهائية – بلا شك – هي خسرانها ( لأشقائها وجيرانها ) بلدا بلدا . بل وخسرانها لنفسها في النهاية لا على صعيد التأثير فحسب بل والوجود أيضا . وهي نتيجة – حتى مع حسن الظن – لا تصنف أسبابها إلا في خانة الكوارث ولا مسببوها إلا في خانة الكارثيين .

قد يعجبك ايضا