رمضان .. قليل من المنغصات
محمد العريقي
سنكون غير واقعين إذا تمنينا أن يكون شهر رمضان المبارك شهرا بدون أي منغصات, فالحياة لا تخلوا من متاعب ومن ظروف وأحداث تعكر النفس مهما توفرت كل المتطلبات .
فالحاجة المادية ( من طعام وشراب ) يمكن أن يتغلب عليها الإنسان المتوازن بروح من الرضا والقناعة بما رزقه الله سبحانه وتعالى له .
لكن هناك فعلا ما ينغص كل فرد منا هو ما يطاله من حزن وألم عندما تأتي إلينا مثل هذه المناسبات الدينية العظيمة, ولا يزال بعض من أبناء مجتمعنا على متارسهم العدائية يتخاطبون من خلال فوهات البنادق والمدافع, وتسال دمائهم دون أي مبرر, فهم في وطن واحد يتسع للجميع, ويتظللون تحت عقيدة دينية واحدة .
وعندما ندعو الله أن يهدي كل من يده على الزناد أن يترك هذا الشر بحق هذا الشهر الكريم ليس فقط لهذه الأيام القصيرة المعدودة فقط, بل يتخذ من رمضان فرصة للإقلاع عن قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق في كل زمان ومكان, فالقتل وسفك الدماء والإقلاق الأمني يعد من أبشع وأخطر المنغصات, التي تجلب الكرب والهم والغم, فاجعلوا يا هؤلاء رمضان للعبادة الحقة والتراحم والتكافل, وخلق الشعور باحتياجات ومعاناة الفقراء, لدفعنا لتقديم المساعدة والتعاون معهم .
ولصنع مثل هذه الأجواء لابد من خطاب إعلامي رشيد بعيد عن التحريض وخال من مفاهيم الفتن, وخطاب ديني يبصر وينور للتسامح والمحبة, يجمع ولا يفرق .
والدعوة الثانية هي لحكومتنا الرشيدة وكل مؤسسات المجتمع المعنية, نقول لهم إن الشعب صابر ومقدر للظروف التي تمر بها البلاد, لكن لا يعقل أن يتحمل الكثير إزاء الحاجات والخدمات الأساسية الضرورية وخاصة خلال هذا الشهر الكريم, فإمدادات المياه والكهرباء لا بد أن تتحسن, والقمامة في الشوارع يجب أن تصرف أولا بأول, ولا يغفل أهمية خدمات المستشفيات, وهنا لابد من الإشارة للذين يضربون أبراج الكهرباء فهم من أخطر من ينغصون حياة أكثر من خمسة وعشرن مليون نسمة, نقول لهم (كفوا عن الأذى والأذية, وتجنبوا عقاب الله الشديد, واتخذوا من هذا الشهر فرصة للمراجعة, والانصراف للأعمال التي تبني ولا تهدم) .
أما إخواننا الموظفون فعليهم أن يدركوا أن شهر رمضان المبارك لم يأتي للراحة والنوم, بل للعبادة والعمل, وكان المسلمون يؤدون أصعب وأشق الأعمال خلال شهر رمضان المبارك, دون أن يتجاهل المسلم واجباته التعبدية, فالموظف اليوم في وضع أكثر راحة, وليتذكروا أن هناك من إخوانهم العمال في المناطق الحارة (ربنا يلطف بهم) يعملون تحت أشعة الشمس وفي ظل حرارة مرتفعة, ومع ذلك حريصون على الصيام, أما الموظف فهو في مكتبه بعيدا عن تأثير الجو الساخن, فلا ينبغي الغياب أو التقاعس في أعمالهم تحت حجة الصيام .
أما التجار وكل من يبيع السلع فلا يعتقد أن التحايل والغش يمكن أن يحقق له مكاسب في مثل هذا الشهر الذي يزيد فيه حركة الشراء, فكسبه حرام, وعبادته غير مقبولة لأنه لم يلتزم بالأمانة, واستسلم للطمع باستخدام وسيلة الغش والكذب .
وعلى العموم تبقى حركة الشارع هي المهم, فالحماقة, والنزق, وسماع الألفاظ القبيحة في هذا الشهر الكريم, تحت مبرر انفعالات الصيام من الأمور المقززة والمعيبة, ويا ليت مثل هؤلاء لم يصوموا, لتجنيب الآخرين شر أقوالهم وأفعالهم.
وعلى مستوى الأحياء والحارات نقول للآباء (انصحوا شبابكم وأطفالكم عدم إزعاج السكان بالضجيج والألعاب النارية, مطلوب دور فعال لعقال الحارات, وأقسام الشرطة للتصدي لمثل هذه الظواهر, فنريد الهدوء.. وقليل من المنغصات في هذا الشهر الكريم).