التطويل في القضايا يعود إلى عدم وجود العدد الكافي من القضاة في ريمة


*السجن المركزي بالمحافظة عبارة عن غرفة وحيدة ووضعها سيء للغاية

القضاء: هو ذلك الاسم الذي يحمل دلالات العدالة والأمانة والرخاء والسعادة والأمن الاجتماعي لكل بني البشر والقضاء الإسلامي متميز عن غيره من القضاء العالمي كونه يستمد تشريعاته وقوانينه من القرآن الكريم والسنة النبوية والقيم المجتمعية الفاضلة والقضاء اليمني يعد امتدادا للقضاء الإسلامي وتعتبر التشريعات والقوانين اليمنية من أرقى التشريعات والقوانين في المنطقة العربية إذا ما عمل بها غير أن المواطن اليمني أصبح ينظر للقضاء نظرة يأس نظراٍ لما عكسته بعض المحاكم والنيابات من جوانب سلبية في أدائها وعملها وتطويلها للقضاء من عام إلى آخر.

مما جعل كثيراٍ من أصحاب القضايا يتذمرون من واقع القضاء ويلجأون إلى الحلول القبلية ومحافظة ريمة واحدة من محافظات الجمهورية التي تتأثر وتؤثر بالوضع القائم في اليمن والأداء القضائي غير أن ضيفنا في هذا اللقاء القاضي صادق فضل السرحاني رئيس المحكمة الابتدائية بمديرية الجبين والقائم بأعمال المحكمة الابتدائية بمحافظة ريمة كان له رؤية ومبررات فيما يتعلق بأداء القضاء بشكل عام وفي ريمة بشكل خاص .
• الملاحظ أنكم تقومون بمهام عمل المحكمة الابتدائية بالمحافظة إلى جانب عملكم بمحكمة مديرية الجبين كيف توفقون بين المهمتين وهل لديكم خطة مسبقة تسيرون عليها¿
– بالنسبة لعملي فهو في المحكمة الابتدائية في مديرية الجبين ولكون محكمة الجبين الابتدائية تقع في عاصمة المحافظة فقد أصدر مجلس القضاء الأعلى قراراٍ عام 2006م يتضمن قيام المحكمة بالنظر في القضايا الجسيمة التي تحدث في بقية المديريات وذلك لعدم وجود نيابات وسجون في تلك المديريات ومؤخرا أسند للمحكمة الاختصاص في نظر قضايا الأحداث بكاملها في المحافظة.
أما بالنسبة لكيفية التوفيق بين العملين أو المهمتين فنحن نحدد يوماٍ من كل أسبوع للنظر في القضايا الجنائية الجسيمة التي تحصل في المديريات الأخرى ونحن نحدد منذ بداية السنة أربعة أيام من كل أسبوع لعقد جلسات لنظر القضايا المنظورة أمام المحكمة واليوم الخامس الإشراف الإداري على أعمال الموظفين والسجلات ومن حيث ترتيب القضايا فإن عددها ونوعيتها هي التي تحكم ذلك فهناك قضايا يستوجب النظر فيها على وجه الاستعجال فيتم تقديمها على غيرها وهناك قضايا قديمة يتم تحديد مواعيدها قبل غيرها من القضايا الجديدة.

كثرة القضايا
• تطويل القضايا وترحيلها من عام إلى آخر بدون أي مبرر سمة طغت على بعض المحاكم اليمنية ما موقع محكمتكم من ذلك وهل ترون أن الإضرابات الأخيرة للمحاكم قد فاقمت الوضع وأخرت حل الكثير من القضايا¿
– حديث الشارع اليمني وعدم رضاه عن أداء القضاء في المحاكم وتطويل نظر القضايا لسنوات فالشارع اليمني بشكل عام ليس راضيا عن أداء جميع أجهزة الدولة فهو متذمر من أداء وزارة الداخلية والتربية والصحة والكهرباء وغيرها إلا أن التطويل في بعض القضايا المنظورة أمام المحكمة لا يرجع إلى تقاعس القضاة عن العمل أو تعمدهم لذلك إلا ما ندر من بعض القضاة الذين لا يدركون الأمانة الملقاة على عاتقهم ولكن التطويل في الغالب يعود إلى أسباب وعوامل خارجة عن إرادة القاضي لعل أبرزها كثرة القضايا مع عدم وجود العدد الكافي من القضاة وبعض المحاكم لا يوجد فيها سوى قاضُ واحد فقط وترد إليه من 400 قضية في العام فلو نظر كل يوم من عشر إلى 15 قضية كمتوسط لعدد القضايا التي يستطيع نظرها فلا يأتي موعد الجلسة لكل قضية إلا مرة واحدة كل شهرين أو ثلاثة أشهر وكل قضية تحتاج إلى عدة جلسات لاستماع الدعوى والرد عليها والدفاع من الخصم الآخر وهكذا حيث تستغرق بعض القضايا أكثر من عشر جلسات مما يعني أنه وفقا لهذه الظروف قد يستغرق نظر القضية أكثر من سنة إلى سنتين شريطة أن يعمل القاضي طوال العام دون إجازة أو مرض.
وأضاف: كما أن هناك أسباباٍ أخرى للتطويل ترجع للخصوم فهذا يطلب التأجيل حتى حضور محاميه وهذا يطعن في أدلة الآخر بالتزوير ويطلب إحالة مستنداته للفحص والتحقيق ويستمر الفحص لدى الجهات المختصة شهورا وكل ذلك ليس سببه القاضي.
وأردف قائلاٍ: بالنسبة للقضايا في محافظة ريمة فنحن نعاني من الزحمة فالمنظور لدينا أكثر من 500 قضية لهذا العام ولا يوجد بجانبي سوى قاضُ واحد ومع ذلك نعقد جلسات طوال الأسبوع إلا أنه تم إنجاز 400 قضية خلال العام الماضي ولا توجد أي قضية في المحكمة لها أكثر من سنتين وفيما يتعلق بالقضايا الجنائية الجسيمة التي على ذمتها مساجين فإنه يتم حسمها في فترة وجيزة لا تزيد عن عام بما فيها قضايا القتل رغم أن بعض المحاكم تستغرق في نظرها أكثر من ثلاثة أعوام كما أن الإضرابات في المحاكم والنيابات تنتج أضرارا كبيرة على المتقاضين وكلها لم تأت عبثا وليس لأي تحقيق مصالح شخصية للقضاة بما فيها المصالح والحقوق المشروعة ولكن هناك أسباباٍ أجبرت المحاكم والنيابات على الإضراب متمثلة بخطف القضاة من المحاكم فكان لا بد من وقفة قوية للضغط على الحكومة للقيام بواجبها في حماية القضاة وأعضاء النيابات.

عادات وتقاليد
• ماذا عن تعاون الجهات المعنية معكم وما دور المحكمة في حل مشكلة السجن المركزي بالمحافظة غير الصالح للسجناء¿
– الجهات ذات الصلة معنا متعددة أهمها أقسام الشرطة وإدارات السجون ومدراء المديريات والنيابات ومن حيث التعاون مع المحكمة فالتعاون موجود وبيننا تفاهم مع هذه الجهات لكن هناك تأخيراٍ لدى بعضها في تنفيذ قرارات المحكمة وترجع أسباب ذلك بحسب إفادتهم إلى شحة الإمكانيات فمثلا إحضار المتهمات من النساء ولا يتم في أكثر الأحيان بحجة عدم وجود شرطة نسائية فالعادات والتقاليد الاجتماعية تمنع الجهات الأمنية من القبض على النساء حتى ولو كانت متهمة بجريمة جسيمة أما وضع السجن المركزي بالمحافظة فلا يوجد سجن بالمعنى القانوني وبالشكل المطلوب وفقا لقانون السجون فالسجن الحالي عبارة عن غرفة مستطيلة لا يتجاوز طولها عشرة أمتار ووضعها سيء للغاية من حيث دورة المياه والغذاء مما يجعل ضرر السجن أكثر من منفعته وهناك صعوبات تواجه المحكمة عندما يتم إيصال المتهمين من النساء أو الأحداث في جرائم كبيرة تستوجب سجنها احتياطيا فلا يمكن إدخال النساء أو الأطفال مع الرجال فنضطر إلى نقل هذه الحالات إلى سجون محافظة الحديدة وتقوم المحكمة بعقد جلسات محاكمتهم هناك رغم التعب وبعد المسافة وقد اجتمعنا مع قيادة المحافظة والأمن والنيابة العامة عدة مرات لحل هذه الإشكالية واقترحنا توفير أي مبنى مؤقتا للسجناء حتى يتم بناء إصلاحية وفقا لمواصفات السجون إلا أن الجهة المختصة لم تنفذ أي شيء من ذلك مطالبا وزارة الداخلية بالعمل على سرعة بناء سجن في المحافظة يناسب إنسانية المساجين لأن السجن هو للإصلاح والتهذيب وليس للتعذيب.

شحة الإمكانيات
• ما هي الصعوبات والعوائق التي تواجه سير عملكم¿
– الصعوبات كثيرة لعل أبرزها شحة الإمكانيات فنفقات المحكمة لا تزيد عن 80.000 ريال فكيف يتم صرف مبلغ كهذا على كل البنوك إضافة إلى التنقلات فعندما يتم نزول القاضي لمعاينة أماكن النزاع فإنه يحتاج إلى بدل تنقل في الوقت الذي لا يكفي ما هو مرصود في هذا البند كما تواجهنا صعوبات كثرة القضايا الواردة إلينا وقلة القضاة الأمر الذي يؤدي إلى التطويل في القضايا مما خلق تذمرا كبيراٍ لدى الناس كما أن عدم وجود سجن مركزي وصعوبة المواصلات في أكثر المناطق الجبلية محل النزاع تعد من المعوقات التي تواجه سير عملنا إضافة إلى عدم وجود الكادر الإداري المؤهل الذي يسر ويسهل العمل للقضاة أما الحلول في نظري فتتمثل في توفير كل الإمكانيات لعمل القضاء من بنى تحتية وإمكانيات مادية وكادر قضائي وإداري مؤهل وتخصيص مساحة في الوسائل الإعلامية الرسمية وغير الرسمية المقروءة والمرئية والمسموعة لنشر الوعي القانوني كون ذلك سيسهل عمل القضاء.

قد يعجبك ايضا