نحن وحلبات إسبارطة
د.غيلان الشر جبي

لا يمكن لمن يتابع مسلسل الأحداث التي تمر فيها بلادنا والعوامل المؤثرة في المشهد السياسي من حيث التغذية المباشرة وغير المباشرة لتصعيد حدة الصراعات الدموية حينا والتهدئة أحيانا الآن يستحضر التقاليد الرومانية التي انهارت بسببها أقدم الحضارات الإنسانية على خلفية تصفيات دموية تثيرها الخصومات السياسية لقوى اجتماعية أو بفعل الوشايات الكيدية التي سادت آنذاك فصار مألوفا أن ينال المتسلقون الحظوة ويتصدرون المكانة الرفيعة على حساب أركان وقيادات الدولة الذين يرمى بهم في حلبات مغلقة لمواجهة حيوانات مفترسة لتدور معركة غير متكافئة كل ما يملكه الفارس فيها هو إبراز كل مهاراته القتالية لتأجيل وقوعه ضحية لتلك الوحوش الضارية.
ولا بأس من استمتاع الجالسين في المدرجات لمتابعة هذه اللعبة القاتلة
مقابل تصفيقات وصرخات الاستحسان كلما تمكن من تفادي مخالب الوحوش المفترسة أو أجاد الكر والفر قبل أن تنهار قواه ليسدل الستار على تلك الدراما المأساوية.
ويستطيع أي منا اليوم تجسيد ذلك المشهد الإسبارطي مقارنة بحلبات الصراعات الدائرة في يمن الإيمان المشوش وحكمة توارت عن الأنظار واختفت من العقول والقلوب لصالح حاكمية (تجار الحروب) وتفشي جهل وجهالة الكبار.
ولم يختلف المشهد لدى جمهور الو لاءات الضيقة ممن يؤدون دور جمهور المشاهدين في حلبات إسبارطة فقد طغت عليهم غريزة التلذذ الوحشي بمتابعة أحداث لا تثير مشاعرهم الإنسانية بقدر ما تثير نعر اتهم العصبية فيصفقون وربما يكبرون إن كان الضحية ينتمي لـ(س) تارة أو العكس إن كان يوالي (ص) تارة أخرى.
وقد تتسع وتيرة الرغبة بالانتقام لدى هؤلاء الذين يتمنون توسيع رقعة الصراع بتوريط الدولة بالانزلاق في متاهات مظلمة بكل ما يترتب عنها من نتائج وخيمة ينحدر معها الوطن إلى مصير مجهول بدلا من البحث عن حيثيات هذه المتوالية من المواجهات الدموية .. على أن لا نساوم بالحقوق والواجبات أو نقبل المتاجرة بالدماء .