الصيف وأزمة الكهرباء
يكتبها: علي بارجاء
في فصل الصيف تكون المساحة الأكبر من جغرافيا اليمن عرضة للحرارة الشديدة حيث قد تصل في أعلى مستوياتها إلى ما يقارب خمسين درجة, وبخاصة في المناطق الصحراوية والساحلية والأودية والسهول المنخفضة.
الإنسان بطبعه شاك باك, إذا اشتد الشتاء شكا وتمنى الصيف, وإن اشتد الصيف تمنى الشتاء, فلا نجده حامدا شاكرا. ومعاناتنا اليوم من حرارة الصيف الشديدة تجعلنا نتساءل كيف كانت أجيال ما قبل الكهرباء يحتملون الحياة¿ لكن الغريب أن يخبرك شيخ مسن أن الحرارة أيام زمان لم تكن كما هي اليوم, وثمة عوامل كثيرة أدت إلى حدوث تغييرات مناخية, وبخاصة الجفاف بسبب شحة الأمطار, قد ساعدت على ارتفاع درجات الحرارة, وهذه كانت ضريبة الحياة المدنية.
كانت عادات الانتقال من المدينة إلى المزارع أيام الصيف, وكانت الهندسة العمرانية, واستخدام الطين في البناء, والسمر والنوم في سطوح المنازل المكشوفة أحد أهم الوسائل للتكيف مع حرارة الصيف.
حين استخدمنا الكهرباء تخلينا عن كثير مما حافظ عليه أجدادنا في الهندسة العمرانية, وعادات المعيشة, بحجة أن الكهرباء قد وفرت لنا سبل التغلب على حرارة الجو باستخدام وسائل التهوية والتبريد والتكييف.
لكن لأننا في اليمن, فلا يمكن أن نعتمد كثيرا على الكهرباء, بل ينبغي أن نحافظ على ما حافظ عليه أجدادنا. فكل دول العالم حتى الصومال التي يضرب بها اليمنيون مثالا بـ(الصوملة) لا تعاني أية مشكلة مع الكهرباء لأن الجميع يعلمون أن العيش بغير كهرباء أو بكهرباء (يمنية) يعني العيش في زمن لا يقل عن القرون الوسطى.
اليمن تعاني من ضعف في الطاقة الكهربائية, والمحطات الموجودة قديمة ومهترئة, ومع هذا الضعف فثمة شحة في الوقود, وزاد الطين بلة وجود (الكلافيت) الذين أصبحوا رمزا لمخربي خطوط الكهرباء, ممن لم تستطع الدولة بجيشها وأمنها أن تضرب بيد من حديد لتقضي عليهم أو على الأقل تمنعهم من عدوانهم الذي تكرر كثيرا.
انقطاع الكهرباء المتكرر في اليمن جعل الناس يضطرون إلى شراء مولدات الكهرباء (المواطير) ويكلöفون أنفسهم فوق طاقتهم المالية في ظل فقرهم وعوزهم, حتى أطلöق عليها (بلاد المليون ماطور), وحتى امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات تتندر بالحال الذي وصلت إليه اليمن من التردي والتقهقر إلى الوراء في كل الخدمات, وأهمها الكهرباء التي هي أم الخدمات.
لم تحل بعد مشكلة الكهرباء, لتضاف مشكلات أخرى منها انعدام الوقود, الذي سيعتمد عليه الناس لتشغيل مواطيرهم, وكأنه كتب علينا أن نظل بلا كهرباء لكي نعيش في الظلام, ولم نعد ندري من المستفيد من أن نظل نعاني الظلام وحرارة الجو!
في وادي حضرموت تصل الحرارة إلى أعلى درجاتها, وانقطاع الكهرباء يحيل الجو إلى جحيم لا يطاق, وعلى الرغم من وجود الكهرباء التي تعمل على الغاز, إلا أن شركة الجزيرة التي تستثمر في إنتاج الطاقة, تقطع الكهرباء كلما أرادت الضغط على الحكومة للحصول على مستحقاتها المتأخرة التي بلغت للشهرين الأخيرين قرابة 21 مليون دولار.
أبناء وادي حضرموت يطالبون الدولة أن تعفي هذه الشركة من الاستثمار, وأن تحمöل وزارة الكهرباء إنشاء محطة غازية بديلة, وبخاصة أن الغاز يقدم مجانا, والأرض المقامة عليها المحطة مجانية, وحتى العمال هم في الأصل من منتسبي وزارة الكهرباء, وستلتزم وزارة الكهرباء بتوفير طاقة كهربائية بسعر منخفض تنفيذا لأحد بنود الاتفاقية مع شركة الجزيرة التي لم تلتزم بها, ولن نعاني من الانقطاع لأن وزارة الكهرباء لن تقطع الكهرباء لتطالب الدولة بمستحقات متأخرة, وسيكون حينها (زيتها في دقيقها).