جامعاتنا في القرن الحادي والعشرين
د/عبد الغني الحاوري

(1) التدريس
يشهد العالم العديد من التطورات والتغيرات التي تتسع لتشمل جميع الميادين وكافة الأصعدة ومن أبرز تلك التطورات العالمية الثورة التكنولوجية الهائلة والانفجار المعرفي وثورة الاتصالات والعولمة وغيرها من المتغيرات التي أصبحت سمة هذا العصر وعلامة مهمة من علاماته .
أما على الصعيد المحلي فالتحديات التي تواجه المجتمع اليمني كثيرة وتتمثل أبرزها في دعوات الانفصال والتطرف الديني والإرهاب والعنصرية وتحديات أخرى كالبطالة ومعدل النمو السكاني المتزايد والجهل والفقر والسلاح والقات والعديد من التحديات.
تلك التحديات العالمية والمحلية ألقت بظلالها على الجامعة كونها الجهة المسؤولة عن مواجهتها والأكثر قدرة على التصدي لها إضافة إلى الدور المنتظر منها في تنمية المجتمعات وتطوير المؤسسات وتأهيل الكوادر القادرة على الاستجابة لمتطلبات العصر وضرورات المجتمع .
فالجامعة تحتل مكانة مرموقة في المجتمع ولها دور ريادي في نشر المعرفة ونقل النظريات وتطوير التكنولوجيا وهي بمثابة مركز إشعاع ثقافي وحضاري وعلمي ومن خلالها يتم التعرف على مشكلات المجتمع والتحديات التي تواجهه وعليها تقع مهمة التشخيص العلمي الدقيق لتلك المشكلات وتقديم الحلول المناسبة بطرق علمية ومناهج حديثة .
ومن خلال النظر إلى الفلسفة التي من أجلها أنشأت الجامعات يتضح أن الجامعة – أي جامعة – أنشأت لتحقيق ثلاث وظائف رئيسية هي: التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع . وعليه فإننا سنتكلم في هذه الحلقة عن الوظيفة الأولى للجامعات التي تتمثل في التدريس والإعداد والتأهيل .
إن المطلع على واقع أداء الجامعات الحكومية لهذه الوظيفة ومن خلال الرجوع إلى بعض الاستراتيجيات الوطنية مثل الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العالي 2006-2010 وبعض الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه التي تناولت بالبحث والدراسة واقع أداء الجامعات اليمنية يتضح أنها لا تؤدي دورها بالشكل المطلوب فهناك قصور كبير في العديد من الجوانب سواء ما يتعلق بالمناهج الدراسية أو طرق التدريس وكذا الوسائل التعليمية الحديثة إضافة إلى أساليب التقويم وغيرها من القضايا التي تتعلق بالجانب التدريسي .
وانطلاقا من هذا الواقع فإن من الأهمية بمكان أن تهتم الجامعات بالمناهج الدراسية والمحتوى التعليمي وأن يتم تحديثها بشكل دوري بحيث لا يتجاوز خمس سنوات وبما يواكب متغيرات العصر ومتطلبات القرن الحادي والعشرين الذي يشهد انفجارات معرفية هائلة وتطورات علمية واسعة حيث تشير الدراسات إلى أنه في أوائل الثمانينات كانت المعرفة تتضاعف كل سبع سنوات وفي أواخر التسعينيات تضاعفت كل عامين ونصف بينما في الوقت الحالي فإنها تتضاعف كل ثمانية عشر شهرا تقريبا .
كما ينبغي الاهتمام بطرق التدريس وأساليبها الحديثة التي من أهمها طريقة المناقشة والحوار والعصف الذهني والتعلم التعاوني والتعلم الذاتي وحل المشكلات وغيرها من الطرق التي تمكن الطالب من اكتشاف المعلومة وتيسر له الوصول إلى المعرفة بمجهوده الذاتي وبما يضمن دورا إيجابيا له بدلا من الاعتماد على طريقة المحاضرة والإلقاء – وهو ما هو غالب على جامعاتنا – التي تجعل من الطالب مجرد بنك للمعلومات ومخزن للمعارف يستقبل كل ما يتفضل عليه الأستاذ من معارف ومعلومات فهذه الطريقة وإن ناسبت وسادت في أزمنة قديمة وفترات معينة إلا أنها لم تعد هي الأنسب في هذا العصر الذي يتسم بالديناميكية ويتميز بكثرة الإبداعات والاختراعات .
وينبغي كذلك أن تسعى الجامعات إلى استخدام الوسائل التدريسية الحديثة من كمبيوتر وانترنت وبوربوينت وغيرها من الوسائل التي تعد سمة من سمات هذا العصر الذي يشهد ثورة في الاتصالات ووسائل التواصل وأصبحت الدول المتقدمة تستخدم – بشكل واسع- أنماطا جديدة من التعليم مثل التعليم الالكتروني والتعليم المفتوح والافتراضي والتعليم عن بعد وغيرها من الأنماط.
وأخيرا.. يجب على الجامعات أن تحرص على أن تكون مخرجاتها ذات جودة عالية مخرجات قادرة على الخلق والإبداع والمنافسة محليا وعربيا ودوليا متسلحة بمهارات التحليل والتركيب والنقد وحل المشكلات وهذا لن يتأتى إلا في ظل الاهتمام بشخصية الطالب من جوانبها المختلفة واعتباره محور العملية التعليمية وعدم إغفال احتياجاته واهتماماته وتطلعاته مع مراعاة الفروق الفردية إضافة إلى ضرورة توفير بيئة تعليمية سليمة يسودها الحب والتفاهم ويمارس فيها الأسلوب الديمقراطي مع الطلاب فهذا الأسلوب هو الذي يضمن مخرجات على مستوى عالى من الجودة تتمتع بالثقة بالنفس والشجاعة والحرية واحترام الآخر وتفهم وجهات النظر المختلفة .
ولا يفوتني في نهاية هذا المقال الإشارة إلى مقولة خالدة من مقولات عالم ال
