الرئيس والإجراءات الصارمة والصعبة
ناجي عبدالله الحرازي


وعد الرئيس عبدربه منصور هادي بالتخفيف من معاناة اليمنيين واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم حدوث تدهور اقتصادي كما ورد في خطابه الأخير عشية الاحتفال بعيدنا الوطني ” عيد الوحدة” وحديثه الصريح عن الصعوبات التي تواجه البلاد على الصعيد الاقتصادي يجب أن يمنحنا جرعة من التفاؤل بعدما كاد القلق أن يفسد حياة اليمنيين ويحولهم إلى شعب يائس لا حول له ولا قوة
الأخ الرئيس في خطابه كما تابعناه ركز على مشكلة عدم توفر الكميات المطلوبة من المشتقات النفطية واعتبر أن من أسبابها الحرص على عدم استنزاف الاحتياطي النقدي في شراء ما تحتاجه السوق المحلية وأن الحكومة لو خصصت الأموال اللازمة للمشتقات من هذا الاحتياطي فلن يأتي نهاية العام إلا وقد تم استنزاف النصف منه الأمر الذي سينتج عنه ارتفاع قيمة العملات الأجنبية مقابل انخفاض قيمة عملتنا الوطنية.
هذا الطرح قد يكون صحيحا بالنسبة للاقتصاديين وخبراء المال والموازنة العامة لكن عامة اليمنيين لا يمكن أن يفهموا كيف لدعم المشتقات النفطية أن يتسبب في جزء كبير من عجز الموازنة العامة واليمن دولة منتجة للنفط وتصدره للخارج !!!!
الا يفترض أن توضح لنا الحكومة بشيء من التفصيل حول هذه المشكلة ¿¿ ذلك أن البعض منا ما يزال يتساءل:
الا يجب أن يوفر لنا إنتاجنا من النفط المشتقات التي نحتاجها محليا أولا بسعر التكلفة وبدون حاجة للدعم بدلا من تصدير النفط الخام واستيراد هذه المشتقات بأسعار عالمية ¿
ولماذا لا يتم الكشف عن ومحاسبة هؤلاء الذين يستغلون الدعم المالي الذي تقدمه الدولة لأسعار المشتقات النفطية فيعملون على تخزينها وتهريبها خارج الحدود ليحققوا أرباحا خيالية نتيجة بيعهم لها بالأسعار العالمية ¿
الرئيس هادي أشار في خطابه أيضا إلى أن تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية ليس بالكفاءة المطلوبة ولا يتناسب مع حجم النشاط التجاري والاقتصادي القائم وأنه وجه الحكومة بزيادة الربط المقرر هذا العام على الإيرادات الجمركية والضريبية واتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل تحقيقه على الوجه المنشود وتحسين مستوى كفاءة التحصيل والحد من التهرب الضريبي والجمركي
وهذا أيضا قد يكون مفهوما بالنسبة للمتخصصين لكن عامة اليمنيين بحاجة إلى فهم أفضل لمعنى الإيرادات الجمركية والضريبية وأهمية تحصيلها باعتبارها مصدرا حيويا للموازنة العامة .
وفي الوقت نفسه هم بحاجة أيضا لفهم واستيعاب مواضع إنفاق هذه الإيرادات وما إذا كانت تذهب في الوجهة الصحيحة أم أن بند المرتبات والأجور وما في حكمها يلتهم إيرادات الجمارك والضرائب والواجبات كما يلتهم جزءا كبيرا من إيرادات النفط …
ولكي لا نذهب بعيدا في طرحنا دعونا نتذكر جميعا ما قاله أخونا العزيز مدير مكتب «البنك الدولي» في اليمن وائل زقوت في تصريحات صحافية جريئة وصادقة مؤخرا عندما دعا الحكومة اليمنية لترشيد الإنفاق الحكومي وخفض النفقات الضخمة لكبار المسؤولين في الحكومة ..
المسؤول والخبير الدولي تفهم في تصريحه أن خيارات الحكومة في الواقع صعبة لكنه شدد على حاجة الحكومة لأن تكون جادة في محاربة الفساد .. ذلك أن الحديث عن تصحيح مسألة دعم أسعار المشتقات النفطية لا يجب أن يتم بمعزل عن الإصلاحات الأخرى .
ترى هل استمع ويستمع ولاة أمرنا لمثل ما طرحه ويطرحه هذا الخبير الدولي وغيره من محبي اليمن واليمنيين ¿
وهل تدرك حكومتنا أن مواجهة الضغوط المالية على المدى القصير تعد أمرا مهما لكن إجراء إصلاحات جادة في مجالات ترشيد الإنفاق العام وتحسين مستوى الخدمات والعمل على توفير المزيد من فرص العمل يجب أن تحظى بالأولوية أيضا ¿¿
وهل تدرك حكومتنا أيضا أن الترتيبات الخاصة بهذه الإصلاحات معروفة جيدا ولا تحتاج إلى عبقرية إينشتاين وأنها تتطلب فقط إرادة قوية والتزاما مؤكدا دون استثناء أو مماطلة أو تسويف ¿¿¿
إذا كانت الإجابة بنعم على هذه الأسئلة فسنكون قد قطعنا شوطا في رحلة الإجراءات الصعبة والصارمة التي وعدنا بها رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة.
