العلم والفقر
أحمد سعيد شماخ

أحمد سعيد شماخ –
فقدان اليمن لفرص التمكن من العلم والمعرفة وأساليب التكنولوجيا والتقانات الحديثة سوف يزيد من الحد الفاصل بين الأغنياء والفقراء, فمتوسط دخل الفرد في اليمن بين الأسر الغنية والمتيسرة قد يصل أحيانا إلى مئات المرات عن مستوى الأسر الفقيرة فعلى سبيل المثال لا الحصر إن الأسر الغنية تنفق وتستثمر للأبناء في المأكل والمشرب والملبس والرفاه وفي مجال التعليم ما يعادل200 إلى 300مرة عما تنفقه وتستثمره الأسر الفقيرة لأبنائها, فهناك مؤشرات وتحديات مقلقة تخص مستويات الدخول وتوزيعه بصورة عادلة بين الناس والتعامل مع قضية الإنتاج العلمي الذي يمكن أن يدعمه القطاع الخاص ويطرحها مع قضية الحقوق الفكرية وبشدة دون أي إعاقة واستخدام أدوات البحث والشراكة المتكافئة في المنافع الاقتصادية مع أبناء الفقراء الذين لا يستطيعون دفع التكلفة المطلوبة لحاجاتهم المعيشية فكثير من أغنياء وميسوري اليمن ربما لا يعرفون أن آباءنا وأجدادنا الأقدمين ممن كانوا يمتلكون الأموال والأراضي الزراعية والعقارات والتجارة قد عملوا في إيواء وإسكان الأيتام الذين لا مأوى لهم والعائلات والأسر الفقيرة غير القادرة على دفع قيمة احتياجاتها كما كان آباؤنا وأجدادنا يشاطرون ويشاركون العديد من أقاربهم وجيرانهم ممن ليس لديهم مأوى وقدرة في قوت يومهم ويشاركونهم أفراحهم وأحزانهم إلى غير ذلك, وهذه كلها صفات محمودة يوصى بها ديننا الإسلامي الحنيف وكل الأديان السماوية واتصف بها أجدادنا الأقدمون وسجل لهم التاريخ بها أنصع الصفحات البيضاء في تاريخ الإنسانية غير أن المشاهد لأحوالنا اليوم وما تعيشه أمتنا من تخبط واختلافات وإحباط وهزائم نفسية متتالية وعدم الرغبة في التغيير والتطوير نحو الأفضل لاستغلال ما تمتلكه وتكتنزه الأرض والإنسان سواء أكان ذلك في اليمن السعيد أو في غيرها في البلدان العربية والإسلامية من إمكانيات هائلة وفرص ثمينة قد لا تتكرر كثيرا في المستقبل المنظور وهذه جميعها تثير فينا مشاعر الحزن والآلام والغضب ….إن فرصتنا كبيرة ومحدودة العمر فلا نضيعها من أيدينا فنبكي يوما كالسفهاء على كنز لم نحافظ عليه كالعقلاء فهذه فرصة ألم وتنبيه فهل من مجيب¿!
فالقيم المجتمعية التي تستحق أن ندافع عنها اليوم ليست فقط من أجل ممارسات العلم والمعرفة وإنما هي أيضا من أجل إفراز مجتمع أكثر تسامحا يتواءم مع حجم التغيير الذي شهدته المنطقة العربية مؤخرا منذ فجر العام 2011م وحتى اليوم والذي يمكن أن تحتضنه بقية البلدان العربية في المستقبل القريب, فمتى سيكون لأفكارنا هذه صدى في مجتمع أنهكه الفقر والجوع والصراعات والنزاعات المذهبية والقبلية والحزبية… مجتمع أنهكه العنف والقلق المحقق وكارثة صحية واجتماعية ومالية وإنسانية مرتقبة ¿! وإني أسمع اليوم في اليمن كما هي في بقية أقطارالبلدان العربية لآءات وآنات الفقراء الجائعين وتأكيداتهم على أولويات سد احتياجاتهم اليومية الملحة وهذا يقتضي منا أن ننظر إلى العلم والمعرفة والتكنولوجيا بقدر من الأهمية باعتبار أن ذلك صار يستحوذ على الخيال ويحرك المشاعر وباعتباره أيضا جزءا ومكونا أساسيا في ثقافتنا وهويتنا العربية والإسلامية لأنه هو الذي يثري نظرتنا إلى العالم ويؤثر في سلوكنا بل ويشكل ثقافة كونية مختلفة الأبعاد والاتجاهات ويشكل تيارا اقتصاديا وثقافيا يؤثر وبقوة في المجتمع العربي الذي يزدهر فيه فهو يدفع الخيال والرؤية لتصبح حقيقة ملموسة وكما قال الشاعر (وليم بايك) (ما أمكن تحقيقه الآن كان يوما مجرد خيال ) فالخيال والرؤية يقعان في مكان القلب من المشروع العلمي .