القات “نبتة” المشاكل الكبرى

محمد العريقي


التركيز فقط على الشأن السياسي يكون دائما على حساب البحث عن معالجات لقضايا أساسية وجوهرية تهم المجتمع ولو كان هذا الإفراط يثمر عن حلول تفضي إلى تهيئة مناخات جادة للاستقرار والتنمية لرحبنا فيها وإنما نجد الساسة يقودوننا من أزمة إلى أخرى وكل ذلك يسهم في تجذير مشاكل عديدة أكثر وأشد خطورة على الفرد والمجتمع مثل ذلك مشكلة القات التي تتشعب بتعقيداتها لتطال كل جوانب الحياة وأبرزها الأمن المائي والأمن الصحي والأمن الغذائي والاقتصادي حيث نجد هذه المشكلة تتعمق خطورتها وتتوسع جذورها وأصبح التفكير في إيجاد حلول عملية للتخلص منها تفتقد للحزم والجراءة وكأن هناك خنوعا واستسلاما لهذا الأمر الواقع الخطير والمرير والدليل على ذلك أن فعاليات البحث عن معالجات لهذه القضية تتسم بالاسترخاء والمحدودية ولم تتجاوز الظاهرة الصوتية وجزء من نشاط جمعيات مدنية هنا وهناك يتسرب صوت خطبائها عبر وسيلة إعلامية تذكرنا بمشكلة ) قاتية) وكأنها حديثة العهد أو مقتصرة على نفر من الناس مع أنها هي الطامة الكبرى .
وشيء جيد أننا سمعنا مؤخرا أن منظمة غير حكومية قامت بفعالية خطابية يوم 4 23- – 2014 م بحضور الأخ الدكتور أبوبكر القربي وزير الخارجية وكرمت عددا من الجهات والمرافق التي أعلنت منعها لتعاطي القات أثناء العمل فيها .
انظروا إلى حجم الطموح في مكافحة هذه الظاهرة المخيفة هو تقليص تعاطي القات في بعض الجهات الحكومية والقطاع الخاص ربما ينفذ في مرافق القطاع الخاص أما في الجهات الحكومية فكان قد طلب ذلك وفشلت المحاولة .
ولاشك أن الكثير منا سمع واطلع على تقارير ودراسات متوفرة في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان التي يرأسها رجل الأعمال الحاج عبد الواسع هائل سعيد التي تقوم بأعمال جبارة في علاج العديد من مرضى السرطان وتشير تلك الدراسات إلى أن الغالبية منهم يصابون بهذا المرض الخبيث جراء المبيدات والأسمدة السامة التي ترش بها شجرة القات بصفة خاصة وبعض الخضر بصفة عامة .
ومهما يكن الجهد الذي تقوم به هذه المؤسسة وغيرها من المنشآت الصحية اذا كان المتعاطون لنبتة القات في تزايد فإن تلك الجهود ومهما انفق من أموال خاصة وعامة فإن حجم المشكلة ستظل تتوسع يوما بعد يوم .
والغريب في الأمر أن عددا من الندوات والمؤتمرات نظمت خلال الفترة الماضية بدعم وتمويل دولي وتم استعراض المشاكل الاجتماعية والصحية والمائية والغذائية والاقتصادية التي يجلبها القات خرجت توصية من أحد المؤتمرات بإمكانية استيراد القات من خارج البلاد كأحد الحلول لتقليص مساحة زراعته في اليمن وكأن هذا الشعب أصبح مخدرا لا يمكن أن تفتح عيونه إلا أمام القات .
وتركز الهم على متعاطي القات .. كيف سيقضون أوقاتهم ¿ وكيف سيؤمن لهم ) الولعة ( ¿ بينما المفترض هو التركيز على المزارعا والوسائط الأخرى التي تعتمد في دخولها على زراعة وبيع القات هؤلاء الذين يجب مساعدتهم والبحث عن بدائل يعيشون عليها أما المستهلك فإقلاعه عن التعاطي هو المطلوب حفاظا على صحته وتحسين دخله وليس هناك من ضرر محتمل بدليل أن عددا لا يستهان به لم يمضغون القات ويمضون أوقاتهم بشكل عادي وصحتهم أفضل بكثير من المخزنين .
إن مواجهة الأخطار المترتبة من زراعة وتعاطي القات تحتاج إلى جهود جبارة فهذه الشجرة أصبحت مدللة إلى درجة إنها تحمى من تغيرات المناخ فتغطى بالطرابيل من قسوة صقيع الشتاء وتمتد لها قنوات الري وأنابيب المياه من أماكن بعيدة وتتوسع في المساحة الزراعية وفي أفضل المناطق الخصبة على حساب المحاصيل الغذائية المهمة وهي الشجرة الوحيدة التي تزرع في كل المواسم (على مدار العام) مستنزفة أكثر من 60% من المياه الجوفية بينما المواطن بأمس الحاجة لمياه الشرب وهذه الشجرة تتسبب في ضياع شبابنا ومؤخرا انتشر مضغها بين صفوف الفتيان الذين بدت عليهم شحوب الشيخوخة دون أن يمروا بمرحلة الشباب ناهيك عن تفشي أمراضها الخطيرة لدى الكبار والصغار رجالا ونساء .
أما إذا طفنا في تفرعات المشاهد المزعجة التي تتسبب فيها شجرة القات فيكفي فقط الإطلالة على الإرباكات المرورية ومخلفات القمامة والأوساخ التي تحيط بأسواق القات .
أما انتشار أكياس البلاستيك بكل ألوانها والتي تشوه المنظر وتلوث التربة فهي مكون أساسي من نشاط بيع وشراء ومضغ القات .
الخلاصة التي يجب أن نفهمها جميعا حول هذا الموضوع هي أننا فعلا واقعين تحت وطأة أكبر مشكلة يعيشها المجتمع اليمني (مشكلة زراعة وتعاطي القات ) ومواجهتنا لها تتطلب عزيمة وتضافرا للجهود وكل ذلك مدخل حقيقي للتغلب على مشاكل أخرى تستنزف صحتنا ومياهنا واقتصادنا ووقتنا الثمين .


قد يعجبك ايضا