تراجع أمريكا وارتفاع ضجيجها!

مطهر الأشوري

 

 

في المسألة الأوكرانية لدى أمريكا نقطتا ضعف كبيرتين هما:
الأولى.. أن أمريكا وكل بلدان الغرب الاستعماري الإمبريالي عجزت عن إلحاق هزيمة عسكرية استراتيجية بروسيا مقارنة بأفغانستان التي لم تمارس فيها مستوى المباشرة الممارس أمريكياً وغربياً في أوكرانيا..
الثانية.. هي أن أمريكا تخاف، وفي أحسن الأحوال تتردد في السير بتصعيدها في أوكرانيا إلى حرب عالمية نووية..
ولهذا فالرئيس الحالي «ترامب» أعادته الدولة العميقة إلى البيت الأبيض وليس ترامب هو الذي استعاده، كونه بات يصعب أو يستحيل على الرئيس بايدن والحزب الديموقراطي أن يتعامل مع الحالة الأوكرانية بالخط والخطوات «الترامبية» الجمهورية..
في مثل هذه الحالات، فالانتخابات والديموقراطية هي مجرد «سيناريو» تشرف على تنفيذه الدولة العميقة لأي أهداف..
ولهذا فإن «ترامب» في الدورة السابقة لم ينجح إلا بالاستخبارات الروسية وهو مجرد عميل، ولذلك فالفشل الأمريكي في أوكرانيا هو وراء إعادة «ترامب»، لأنه لم يعد أمام الدولة العميقة من بديل غيره..
فما يحدث بين أمريكا وأوروبا هو توزيع أو تبادل أدوار وكذلك خطوة «الكونجرس» الأمريكي هو في إطار توزيع وتبادل أدوار..
أمريكا ظلت في الأعوام الماضية تتحدث عن العقوبات القصوى اقتصادياً تجاه أي بلد، فيما أمريكا الآن تريد الوصول إلى أقصى وأعلى الضغوط السياسية لإجبار روسيا على أن تقبل بحل في أوكرانيا ينتقص من حقوقها ولا يضمن لها الحد الأدنى من الأمن القومي والوطني مقارنة بما تتعامل به مع هذا المفهوم مع العالم..
إذا كان ترامب والدولة العميقة يريدون فرض حل سياسي في أوكرانيا بما لا يراعي مصالح روسيا ولا أمنها القومي وبما لا يعالج المشكلة في أسبابها وجذورها، فالتعامل مع الصين لخصه آخر تصريح لـ«ترامب» حين قال “إن الصين تعرف العواقب الوخيمة إذا قامت بغزو تايوان”، والمقصود إذا قامت بضم تايوان إلى الصين مقابل لغة الحل الدبلوماسي في أوكرانيا وتهديد الصين بما أسماها العقوبات الوخيمة، فلكم المقارنة بتعامل الدولة العميقة مع غزة وفلسطين.. هذا غير أن ترامب يقول إن أياماً معدودات لرئيس فنزویلا «مادورو» بما معنى إن أمريكا ستستعمل القوة لتتغير نظام في دولة مثل فنزويلا، ومثل ذلك ما اراد في إيران وهذا هو خيار وسلوك أمريكا مع من يختلف معها ومع الكيان الصهيوني، وإلى جانب ذلك يتحدث ترامب عن تدخل أمريكي وشيك في نيجيريا لحماية المسيحيين – كما يزعم، مع أنه يدعي أنه الرئيس الذي جاء لإطفاء الحروب ويطلب ويستجدي أن يمنح ما تسمى جائزة نوبل للسلام..
كأنما ترامب والدولة العميقة يريدون من خلال الضغوط على روسيا والتهديد للصين أن تغمضا أعينهما عن مشاريع أمريكا الاستعمارية الجديدة في ما يسمى الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وبلدان أفريقية كما نيجيريا، وبالتالي فتهديد الحرب على فنزويلا وعلى نيجيريا ربطاً بالشرق الأوسط يحمل رسائل للصين وروسيا للمقايضة وكأن أمريكا بصدد صياغة اتفاق سايكس بيكو جديدة..
تذكروا تصريحات ترامب بأنه سيحل المسألة الأوكرانية بمكالمة هاتفية أو خلال ٢٤ساعة بالكثير، والآن يتحدث عن أيام لقلب النظام في فنزويلا، فماذا عن نيجيريا؟..
الدولة العميقة ببایدنها ثم بترامبها انهزمت أمام اليمن في البحر الأحمر وأمام العالم، وبالتالي فأمريكا والكيان الصهيوني لم ينتصرا لا في غزة ولا في لبنان، والطبيعي هو إجرام وجرائم ودمار هؤلاء والإبادة الجماعية في غزة هي الجريمة غير المسبوقة في التاريخ البشري..
والقادم على المدى القريب أو المتوسط لا يحمل لأمريكا وربطاً بها الكيان اللقيط غير الفضائح والهزائم، وأي إجرام جديد أو إبادة جماعية لا تقدم أكثر من الفضائح والهزائم لأمريكا والكيان اللقيط، فقط يعنينا أن نعي بأن أمريكا والكيان الصهيوني ومرتزقتهم يستعملون الضجيج الصادر في التضليل الإعلامي والتأثر بهذا التضليل، والتأثير أو مجرد الالتفات لهم محذور.. محذور.. محذور يا ولدي!

قد يعجبك ايضا